‏إظهار الرسائل ذات التسميات عطيات الابنودي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات عطيات الابنودي. إظهار كافة الرسائل

1/23/2022

حكاية نعمات حسن ..ترشحت للانتخابات فقتلها الحزب الوطني

كانت البداية  اهداء في مقدمة كتاب المخرجة عطيات الابنودي "أيام الديموقراطية" للمرشحة البرلمانية الشهيدة "نعمات حسن"،لم أكن قد سمعت بهذا الاسم من قبل ولم  أسمع عن مرشحة برلمانية قُتلت في الانتخابات على مدار تاريخ مصر، قمت بالبحث في شبكة الانترنت فلم تظهر سوى مقالة واحدة على موقع "الحوار المتمدن" للكاتب حسن مدبولي يكتب فيه عن نعمات وظروف ترشحها في انتخابات عام 1984 ومقتلها على يد  عائلة منافسيها مرشحي الحزب الوطني،فكان البديل هو البحث في ارشيف الصحف المصرية في تلك الفترة من شهر مايو 1984 التي شهدت أول انتخابات برلمانية بعد اغتيال السادات وتولي حسني مبارك الحكم، والتي يظهر من خلال صحف تلك الفترة الآمال الكبيرة لدى المعارضة في انتخابات حقيقية ودعوات لتعديل الدستور لعمل انتخابات رئاسية تعددية والغاء منصب المدعي الاشتراكي، ثم خيبة الأمل من ممارسات العنف والبلطجة والتزوير وانحياز أجهزة الاعلام "القومية" للحزب الوطني الحاكم.

ظهر ذلك الانقسام الحاد بين صحف الحكومة والمعارضة في حادث اغتيال نعمات حسن،فبينما أبرزت صحف معارضة مثل الشعب والأحرار والأهالي الحادث وأدانته فيكتب "مصطفى بكري" الصحفي الشاب في "الأهالي" وقتها عن مقتل نعمات على يد ابن عم مرشح
الحزب الوطني،

 أما جريدة الشعب الناطقة باسم حزب العمل الذي كانت تنتمي له نعمات حسن فكان مانشيتها الرئيسي " العار للقتلة"،وتذكر الجريدة بعض المعلومات عن القتيلة، أنها كانت عضوا في الاتحاد الاشتراكي ثم أمينة للمرأة في الحزب الحاكم وأنها رفضت التنازل عن الترشيح، وهو ما يعني أنها لم تكن في الأساس منتمية لحزب العمل الذي كان قد بدأ في التحالف مع جماعة الاخوان المسلمين واتخاذ شعارات اسلامية بجانب شعاراته الاشتراكية الأصلية، ليصنع مزيجا غريبا سيستمر به في ثمانينات وتسعينات القرن العشرين، ويبدو أن نعمات حسن أرادت الاستناد لقوة مكافئة لقوة ونفوذ الحزب الوطني الذي تركته فلجأت لقوة الاسلام السياسي التي كانت جاذبة لقطاع شعبي كبير خاصة في محافظات الصعيد.

تختفي بعد ذلك أخبار اغتيال نعمات حسن في زحام ما بعد الانتخابات من احتفالات الصحف القومية بانتصار الديموقراطية والحزب الوطني واتهامات صحف المعارضة للنظام بسرقة الحلم الديموقراطي، ولكنها تظهربعد عامين في خبر في جريدة "الشعب"تحت عنوان الافراج عن قاتل نعمات،تقول تفاصيله أن القاتل قد شوهد يتجول في شوارع الأقصر نظرا لعدم سريان الحكم انتظارا لتصديق الحاكم العسكري على حكم محكمة أمن الدولة بسجنه 15 عاما

ثم يظهر اسم نعمات حسن ربما للمرة الأخيرة في ذكرى استشهادها ال 15 عام 1999 في احياء حزب العمل لذكراها كشهيدة للديموقراطية التي استمرت أحزاب المعارضة في البحث عنها طيلة تلك السنوات

والسؤال هو .. لماذا غاب ذكر نعمات حسن عن تاريخ السياسة والمرأة المصرية، هل لأنها اخصائية اجتماعية بسيطة من الصعيد الجواني فتم نسيانها لبعدها عن القاهرة المركز الرسمي لمصر،أم لأنها كانت مرشحة حزب العمل المحسوب على الاسلاميين فاعتبرها البعض من المعسكر المعادي للمرأة،أو لأن قاتلها هو ابن عم مرشح الحزب الوطني ، والمناصر له فكان المطلوب هو التعتيم على جريمة من جرائم الحزب الوطني الذي امتد حكمه ل 27 عاما بعد جريمة الاغتيال، أو ربما هو التاريخ الذي يمنح البعض أدوار البطولة ويحول البعض من أبطال لمجهولين لن يعرفهم الا القليلون.