11/09/2021

معارك ابراهيم عيسى وحسين يعقوب ..ميلان كونديرا يفسر

 



لماذا تتحول خلافات وآراء حول الدين لمعارك مجتمعية تبدو أكبر من حجمها المفترض، فتصبح شهادات حسين يعقوب ومحمد حسان في المحكمة، ومنع البوركيني أو البكيني في احد الشواطيء، وتعليق ابراهيم عيسى حول قراءة القرآن في الصيدلية، بداية لاشتباكات وجودية واتهامات بالالحاد والداعشية بين معسكرات مختلفة.
في احدى حكايات رواية "غراميات مرحة" للتشيكي ميلان كونديرا، يقع البطل في غرام فتاة متدينة تذهب للكنيسة، مما يضطره لحضور القداس وهو ما لم يكن ممنوعا أثناء الحكم الشيوعي ولكنه قد يجلب بعض المتاعب، فالبطل مدرس في بلدة صغيرة، ومن الممكن أن تقلق ناظرة المدرسة والحزب من قيام مدرس مؤمن بأفكار رجعية بتنشأة الجيل الجديد، ولكن المناخ الحقيقي كان كما يصفه البطل هو البحث عن معارك في اطار النظام الحاكم، فمؤيدي النظام بعد انتصاره وبسط سيطرته لا يجدون معارضين صرحاء حتى يحاربوهم، فكان البديل هو ترصد المترددين على الكنيسة ،أما الفتاة المتدينة فمشكلتها الحقيقة ليست الدين ولكنه النظام الذي قام بتأميم تجارة والدها ووفاته بسبب ذلك، ولكنها لا تستطيع معارضة نظام قمعي بشكل صريح، فتلجأ للدين كشكل لاعلان سخطها، ويلجأ مؤيدي النظام لمهاجمة المتدنيين كبديل عن احساسهم بالاحباط وعدم تحقق آمالهم المرجوة من النظام، وهو ما يماثل الموقف الحالي في مصر ، فنرى معارك بين "تنويريين" محبطين من نظام لم يحقق ما تمنوه من تقدم اقتصادي و"تقدمي" ولا يستطيعون التعبير عن احباطهم، وبين معارضين لنظام يخشون قبضته الغاشمة، فيرفعون المصاحف والحجاب كلافتات معارضة، في معارك تبدو دينية وفكرية وكنها في الحقيقة معركة بين طرفين مأزومين مكبلين بقيود نظام خانق للجميع.

11/04/2021

يوميات ضابط شرطة في زمن حبيب العادلي

 

بعد مرور سنوات على سقوط نظام مبارك بدأت حالة من الحنين لعصره وأيامه، ربما بسبب ما وصلنا اليه من تدهور اقتصادي وقمع أمني وفشل سياسي فأصبح عصر مبارك بالمقارنة أفضل حالًا، ولكن كان حنين البعض مبالغًا فيه لدرجة أن يصفوا أيامه بالجميلة والسعيدة، ووصل الحنين أن يصف البعض حبيب العادلي وزير الداخلية بأفضل وزير داخلية وأننا كنا ننعم في عهده بالأمن والأمان.

في كتاب “تعليمات سيادتك” لمحمد حسني أبو العز الصادر عن دار ميريت في عام 2013، يكشف الضابط السابق في وزارة الداخلية في عهد حبيب العادلي، كيف كانت تعمل الوزارة من الداخل، وكيف كانت تفكر. الكاتب الذي كان ضابطًا بالفعل يتبنى في الكتاب اسمًا مستعارًا هو “محمد محمود” ويقول إنه يروي قصته، وربما لجأ الكاتب لذلك خوفًا من المساءلة القانونية، واصفًا مشاهد ووقائع الكتاب بأنه من وحي الخيال.

لا يقتصر الكتاب على كونه رصدًا من الداخل لوضع الشرطة والوزارة في العهد السابق للثورة، بل يوضح تغير الراوي الذي التحق بكلية الشرطة بناء على رغبة أهله، حتى استقال من عمله بعد ثورة 25 يناير بأيام.

خش الدبابة

أنا أحد أفراد هذا النظام وأقول لكم: إن هذا النظام يجب أن يسقط.

يبدأ الكتاب بمشهد من ميدان التحرير، يوم 1 فبراير/شباط 2011، عندما يحاول الراوي الضابط الدخول لميدان التحرير من أجل المشاركة في المظاهرات، وعندما يكتشف من يقوم بالتفتيش مهنته، يحيله إلى جنود الجيش:

“- يا باشا أنا خايف عليك والله.. والنبي الله يكرمك خش جوه الدبابة.

– يا ابني ما تقلقش مش هيحصل حاجة.

– يا باشا خش جوه الدبابة أبوس ايدك”.

وعندها يحضر ضابط الجيش ليخبره بصعوبة مشاركته في حالة معرفتهم كونه ضابط شرطة، يدور الحوار التالي:

– يا باشا تشارك إيه بس؟! الناس هنا ممكن تموتك لو عرفت انك ظابط.

-ماهو محدش هيعرف إني ظابط.

-طب افرض قابلت حد تعرفه؟ دي مصر كلها هنا”.

ليغادر محمد دون أن يستطيع المشاركة ويشارك بتأييد من في الميدان وهو يخبر من يعرفه: “أنا أحد أفراد هذا النظام وأقول لكم: إن هذا النظام يجب أن يسقط”.

رجل المستحيل

منذ دراسته بالكلية يقتنع الطالب بأنه (باشا) أفضل من الجميع، وأن عليه أن يتعامل مع الآخرين، خارج طائفته، من منطلق هذه القناعة.

رغم أن الراوي “محمد” يذكر أن ميوله في صباه كانت أدبية، إلا أن والديه أجبراه على الالتحاق بالقسم العلمي في الثانوية العامة، مما أدى إلى حصوله على مجموعة 60%.

قدّم “محمد” أوراقه إلى الكلية الحربية وكلية الشرطة، مثل عدد كبير من الشباب الذين يقومون بالأمر نفسه بعد الانتهاء من الثانوية العامة، وعلى حد تعبيره يكون هذا الاتجاه نابعًا من تأثر الشباب بمسلسلات المخابرات وقصص أدهم صبري، ولكن “محمد” لم يتوقع أن تقبله كلية الشرطة، ليكتشف بعد ذلك أن أحد أقاربه توسط له، ليصبح طالبًا بالكلية، مما يوحي بطريقة الالتحاق التي يمر بها العديد من ضباط الشرطة.

كانت أولى ملاحظات الراوي على الحياة الدراسية هي عملية القهر التي يقوم بها طالب الفرقة الرابعة على حساب طلاب السنوات السابقة. يشير الراوي أن المقصود أن تكون الحياة الشرطية أشبه بالحياة العسكرية، ويضيف أنه بينما يرى أن التنفيذ الصارم للتعليمات قد يكون مقبولًا في الكليات العسكرية التي تعتمد علي الطاعة العمياء للأوامر دون نقاش لأن القرارات قذ تتخذ في حالات الحرب مثلًا، فلا يجد لذلك مبررًا في الشرطة، لأن المفترض هو تنفيذ القانون وليس التعليمات، ولأن كلية الشرطة يتم فيها التعامل مع المواطن والحياة المدنية لا جبهات الحرب.

أما ثاني الملاحظات فهي تعويض الطالب عما يعانيه في الكلية بإقناعه أنه “باشا” أفضل من الجميع، وأن عليه أن يتعامل مع الآخرين، خارج طائفته، من منطلق هذه القناعة، وهو ما يمنح الطالب، الذي ما زال في مرحلة المراهقة، نوعًا من التكبر، وانتظار أن يتعامل الناس معه باعتباره شخصًا مميزًا وصاحب سلطة، ويؤدي هذا إلى تضخم في الشخصية، يستمر معهم في باقي مشوارهم المهني، وتغرس هذه الصفة في الطالب لتصبح مكونًا من مكوناته لا يتظاهر بها ولكنها جزء منه. يشير الراوي إلا أن قليلين لا يستطيعون إخفاء هذا التكبر، وأقل هم من يستطيعون التغلب عليه.

سرعة الإخطار

السمة الأساسية التي ينبغي أن يتمتع بها الضابط هي اتباع التعليمات وسرعة إخطار من هم أعلى منه، يذكر محمد أنهم يفضلون سرعة الإخطار على حسن التصرف.

عمل الملازم محمد في بداية حياته بالداخلية بشرطة المرور، وبعد أيام قليلة من عمله اكتشف الراوي، أن العمل بالمرور غير قائم على تطبيق القانون بقدر ما هو قائم على نظرية “المجهود والإيراد”، فهو يُحاسَب أثناء خدمته على عدد الرُخَص التي يسحبها يوميًا، وعندما لا يكون هناك مبرر لذلك، يسحب رُخَص الميكروباصات بدعوى عدم تحميل الركاب من الموقف، على الرغم من عدم وجود موقف أساسًا.

وأحيانًا ما يبتكر الشرطي طرق لزيادة الإيراد، ويذكر الراوي أن مدير المرور جاء في إحدى المرات بفكرة أن يدفع السائق رسوم الونش، بقيمة 20 جنيهًا، عند القيام بأي مخالفة، على الرغم من أن هذه الرسوم غير قانونية ولا تقع على السائق.

انتقل الضابط محمد إلى العمل في المباحث، وهناك كانت المشاكل مختلفة، فبحسب روايته، فالمفترض أن المباحث هي الشرطة السرية، أي أن الناس لا يعرفون أنك شرطي أو ضابط، ولكن ما يحدث هو العكس بالضبط، فضابط المباحث يعرفه جميع من في الشارع، ومعيار كفاءة ضابط المباحث هو أن تصل شهرته إلى دائرته كلها. وعندما كان الراوي محمد يرتدي ملابس عادية مثل الجينز والكوتشي، كان رؤساؤه يعتبرون ملابسه غير لائقة.

كذلك يؤدي العمل في المباحث لوجود حالة من الشك الدائم خلال العمل تنتقل في كثير من الأحوال لطبيعة الضابط فيصبح شكاكًا في كل شيء حتى خارج عمله.

يؤكد الضابط محمد أن المباحث الجنائية كانت تستخدم التعذيب كوسيلة للحصول علي المعلومات، إلا أن ذلك قل في نهاية عهد حبيب العادلي بسبب ضغوط المنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني، وهو ما أدى إلى عجز عن حل الكثير من القضايا لأن المباحث لا تعرف وسيلة أخري للحصول علي المعلومات، ولكن الراوي مع ذلك يؤكد على أن التعذيب ظل معمولًا به في المباحث السياسية، أو ما يُعرَف بـ “أمن الدولة”.

يكتشف محمد في عمله بالمباحث أن السمة الأساسية التي ينبغي أن يتمتع بها الضابط هي اتباع التعليمات وسرعة إخطار من هم أعلى منه، يذكر محمد أنهم يفضلون سرعة الإخطار على حسن التصرف “ويبررون ذلك بأن الضباط لا يجيدون حسن التصرف، وبالفعل فإن أغلب الضباط لا يجيدون حسن التصرف، ولكن هذا سببه الرئيسي جهلهم بالقانون”.

يوضح الراوي أن هذه الأفكار نابعة عن قناعة بأن الشرطة هي ذراع للحاكم، لا أداة لتنفيذ القانون.

أثناء عمله بالمباحث، يمر الضابط محمد بتجارب مختلفة تتنوع بين الوقوف في الكمائن وتأمين سير المواكب الرسمية وتأمين الفنادق، ويرى أن سياسة حبيب العادلي اعتمدت على التواجد المكثف للشرطة في الشارع، بغض النظر عن الفاعلية، وعما تقوم به هذه القوات فعلًا، وهو ما يعطي الناس إحساسًا بالأمان، ولكن الراوي يضيف: “لم يكن (هذا الانتشار) يحوي في داخله أي جدوى على أرض الواقع، مما أدى في النهاية إلى أن صارت الداخلية مثل بالون ضخم يوحي لمن يراه بالكثير، إلا أنه في الواقع كان فارغًا من الداخل.. وفي رأيي أن الشرطة لم تنهر في الأحداث الأولى للثورة.. بل إنها في واقع الأمر انكشفت”.

بعد 25 يناير

في شارع محمد محمود.. مات الشرطي الذي أحمله داخلي للأبد.

بعد الثورة ظهرت العديد من الدعوات لإصلاح الشرطة وإعادة هيكلتها، ولكن الضابط محمد اكتشف عدم وجود إرادة سياسية لتغيير الوضع، ما دامت السلطة تخشى الشعب وتستعين بالشرطة ضده، وما دامت العدالة غائبة وسيادة القانون لا تُطلق على الجميع.

يترك محمد هويته الشرطية في سيارته وينزل لميدان التحرير في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 ليقابله شقيقه بابتسامة لم يرها منذ سنوات، ويدخل شارع محمد محمود ليشاهد أحداثه عن قرب ويعاني من الغاز المسيل للدموع ويشاهد الجرحى والمصابين من المتظاهرين ويجد نفسه على الجانب المضاد للقوات العسكرية (قوات الأمن المركزي) ليصل في النهاية الي أنه “في تلك الليلة.. في شارع محمد محمود.. مات الشرطي الذي أحمله داخلي للأبد”.

في وزارة الداخلية يجد محمد الأجواء غير مواتية للتغيير، حتى “الضباط الثورجية” الذين حاولوا في البداية الثورة على الداخلية، عادوا وانقسموا وتفرقت مطالبهم، ووقف أغلبهم موقفًا معاديًا للثورة. فوجد محمد نفسه غير قادر على الاستمرار وقدم استقالته، ويذكر أنه مدين للثورة التي أتاحت له فرصة إعادة النظر في حياته، تلك الفرصة التي رآها أثمن من أي مكسب آخر.

يتميز كتاب “تعليمات سيادتك” بالبساطة في الأسلوب الذي ينقلك فعلًا الي أجواء الواقع في العمل الشرطي، كما يعرض لحياة شخص دخل بالواسطة الي مكان لا يناسبه ليبدأ في ملاحظته بعين مختلفة، وتتراكم داخله ملاحظات وانتقادات كثيرة، وتأتي ثورة 25 يناير لتثبت صحة ملاحظاته.

اختار الكاتب العديد من المواقف خفيفة الظل التي استطاع القارئ من خلالها إدراك المفارقات العجيبة في العمل الشرطي الذي يختلط بمختلف فئات الشعب. ربما لا يقوم الكاتب بتحليل متعمق أو تاريخي للجهاز الشرطي، وكثيرًا ما يتعاطف مع الضباط باعتبارهم نتيجة لظروف سياسية أكبر منهم، ولكنه يوجه نقدًا داخليًا للشرطة بشكل محايد ومتوازن.

يمكن أن نعتبر الكتاب مفتاح لفهم المؤسسة الشرطية، ويظل الكتاب مهمًا طالما بقيت المؤسسة الشرطية دون تغيير.

نشر في موقع المنصة 18 سبتمبر 2017

10/17/2021

عشت ما جرى في ثورة يناير

 

الصورة من حساب wessam_deweny على flickr

في يونيو/حزيران عام 2011، تلقى د. عمار علي حسن مكالمة من اللواء محمد العصار، يدعوه فيها للقاء في فندق “تريومف” إلى جانب شخصيات عامة أخرى. في طريقه تذكر د. عمار أحاديثه مع الجنود الواقفين حول الدبابات في ميدان التحرير قبل تنحي مبارك.

يسألهم عمار: ما هي الأوامر التي تلقيتموها؟

– حماية المنشآت الحيوية والمواطنين.

– هل لديكم أوامر بفض المظاهرات بالقوة؟

يردون بالنفي.

– وإن صدرت لكم مثل هذه الأوامر فماذا ستفعلون؟

قالوا بكل بساطة: لن ننفذها.

– لماذا؟

– لأنكم إخوتنا ونحن معكم في مطالبكم.

في اللقاء وجد د. عمار الدكتور حسام عيسى والكاتب محمد المخزنجي، ثم لحقت بهم المذيعة ريم ماجد، وبمجرد أن وصل قال له اللواء عبد الفتاح السيسي: “قبل كل شيء، سنسلم الحكم للمدنيين”.

في كتابه “عشت ما جرى” الذي صدر في سلسلة “كتابات الثورة” عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، وهو كتاب صغير الحجم، 230 صفحة من القطع الصغير، يروي الباحث والكاتب د. عمار علي حسن شهادته على الأحداث التي تَلَت 25 يناير، حيث كان الكاتب موجودًا ومشاركًا في العديد من الكواليس التي لم نعرِف عنها الكثير، مما يجعل الكتاب لمؤلفه الحاصل على الدكتوراه من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وصاحب العديد من الكتب التي تنوعت بين الأدب والسياسة والدين، من أبرز الأعمال التي تؤرخ لأحداث الثورة المصرية.

غلاف كتاب “عشت ما جرى”

شارك عمار حسن في فعاليات حركة كفاية، التي تأسست عام 2004، والتي كسرت حواجز كثيرة في عصر مبارك، ونظمت مظاهرات عديدة لم تكن كبيرة العدد، ولكن كان لها أثر ظهر فيما بعد حين خرجت الحركة من نطاق “وسط البلد”، وامتدت المظاهرات إلى الأحياء الشعبية مثل “السيدة زينب”، و”شبرا”، ونالت بعض التعاطف من الناس، وبعد حدوث نوع من الفتور من حركة كفاية، تشكلت “الجمعية الوطنية للتغيير” بقيادة محمد البرادعي والتي كان د. عمار عضوًا في أمانتها العامة.

و قبل 25 يناير بثلاثة أيام كان د. عمار يشارك في ندوة لمناقشة كتاب للمستشار الإعلامي لجماعة الاخوان، في الندوة صرّح عصام العريان أن الإخوان لن يشاركوا في مظاهرات 25 يناير لأن أحدًا لم يقم بدعوتهم، فرد عليه عمّار علي حسن: “إنها ليست حفل عرس أو وليمة حتى ينتظر الإخوان دعوة للحضور ،وأن عدم مشاركتهم سيكون بمثابة تقاعس وصمت على سلطان جائر”. وعند خروجه من الندوة أخبره مجموعة من شباب الإخوان أنهم سوف يشاركون دون انتظار موقف مكتب الارشاد، ثم أخبره العريان بعد يومين أن الجماعة لم تتخذ موقفًا رسميًا بالمشاركة ولكنها لن تمنع أعضاءها من المشاركة بشكل شخصي.

ذكريات عمار علي حسن مع الإخوان تعود إلى ما قبل ذلك التاريخ، ففي عام 2010 التقى د. عمار بعصام العريان لتهنئته بالخروج من المعتقل، وعندما اقترح عليه انضمام الإخوان للجمعية الوطنية للتغيير كان جواب العريان: “جماعة الإخوان عمرها أكثر من ثمانين سنة، وليس من المعقول أن تندمج في كيان جديد لا قوام له، وينظر إليه كثيرون علي أنه هزل أكثر مما هو جد”.

وعند مفاتحة سعد الكتاتني في نفس الاقتراح كان جوابه أن أوضاع القوة علي الأرض ليست لصالح الجمعية الوطنية، و يفسر المؤلف هذه المواقف بما عَلِمه من وجود صفقة بين الحزب الوطني والإخوان ليحصلوا بموجبها علي 20 مقعدًا في برلمان 2010 بدلًا من 88 مقعدًا في برلمان 2005 وكانت تلك اللقاءات تجري في مكتب مفكر مقرب من الإخوان وفي جهاز أمن الدولة، ولكن تنكر الدولة لهذا الاتفاق دفع الإخوان للانضمام لحملة جمع التوقيعات التي أطلقها البرادعي.

هناك مواضع كثيرة هاجم فيها الكتاب جماعة الإخوان، رغم أن الكتاب صدر أثناء فترة حكمهم، 2013، ويخصص عمار علي حسن جزءًا من الكتاب لمهاجمة دستور الإخوان (2012) الذي تمت الموافقة عليه. ولكن جزءًا كبيرًا من هذا الهجوم يبدو مُبَررًا بمواقف كثيرة اتخذها الإخوان أثناء الثورة وأثارت استياء القوى الأخرى، كذلك كان تَنَصُّل الإخوان من وعودهم التي أعطوها قبل جولة إعادة الانتخابات الرئاسية سببًا في توحد قوي المعارضة (المدنية) ضدهم.

وبعيدًا عن الإخوان يبين د. عمار أن المقولات التي ظهرت بعد 25 يناير من بعض المنتمين لنظام مبارك مثل “كلنا فلول” و “كلنا كنا صامتين” ليست صحيحة، فهناك من رفض التعاون مع النظام، ويروي تجربته الشخصية عندما كان حاضرًا بـ”مؤتمر الاصلاح العربي” ليعرض عليه الدكتور محمد كمال، زميله في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، عرضًا خاصًا للانضمام الي أمانة السياسات بالحزب الوطني للاستفادة من قلمه الرصين لخدمة الثقافة المصرية، وعندما أخبره د. عمار أنه يعتبر ذلك خيانة للكادحين والفقراء الذين تعلم بأموالهم، رد عليه محمد كمال بقوله إنه يمكنه خدمة هؤلاء الفقراء من خلال إصلاح البلاد وإصلاح الحزب الوطني، وهو ما اعتبره عمار علي حسن ضحكًا علي النفس، إذ أن النظام هو من يستخدم المثقفين لصالحه، وهو الموقف الذي أيده الدكتور أسامة الغزالي حرب.

الثورة

يروي الكاتب أنه تحرك مع طوفان من الناس، انضم لهم المزيد من الشوارع الجانبية، وسط هتافات مثل “مش هنخاف من أبوك يا جمال ..صوتنا العالي يهد جبال”، وليتحرك الحشد من أمام مسجد “صلاح الدين” وينظر لهم البلطجية في ضعف واستكانة بسبب العدد الضخم،

يحل يوم 25 يناير عام 2011، ويشارك د. عمار في المظاهرات في شارع قصر العيني، ولكن يحدث تراجع بسبب الغاز المسيل للدموع والمصفحات، ليتفرق المتظاهرون، قبل أن يعاودوا الدخول من ناحية الكورنيش، ليصلوا للميدان وسط ابتسامات ضباط الشرطة الذين بدوا وكأنهم ينصبون فخًا للمتظاهرين. ولكن زيادة الأعداد وتجاوزها للتوقعات أدت إلى أن يجتمع المتظاهرون في ميدان التحرير حتى حلول الظلام، ليصدر أول بيان للثورة في العاشرة مساء ويقرأه الدكتور عبد الجليل مصطفي والذي طالب بعدم ترشح مبارك وابنه للانتخابات المقبلة وحل جميع المجالس المنتخبة وإلغاء الطواريء وتشكيل حكومة إنقاذ وطني.

كان الجميع متحمسًا بفعل الثورة التونسية التي أجبرت (بن علي) على الرحيل، ولكن بعد منتصف الليل بأربعين دقيقة بدأ هجوم جنود الأمن المركزي مصحوبًا برصاص الصوت وقنابل الدخان ليتفرق المعتصمون، ولكن كان هناك موعد آخر للعودة.

بدأ يوم الجمعة 28 يناير بانقطاع شبكات المحمول والإنترنت، وهو ما أشار إلى أن هناك خوفًا كبيرًا من شيء هائل يمكن أن يحدث.

توجه د. عمار إلى مسجد “صلاح الدين” في حي المنيل وهو مسجد معروف بسيطرة تاريخية لجماعة الإخوان عليه، وهذا أوحى للكاتب بأن المسجد سوف يشهد مظاهرة كبيرة تنطلق منه، خاصة أنه شاهد شبابًا ينتمون للجماعة في ميدان التحرير في يوم 25. ولكن خطيب المسجد ركّز في خطبته على آية “وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم”، ووصف المظاهرات بـ”الفتنة” ليصرخ فيه د. عمار “حرام عليك” مخالفًا لقواعد الاستماع لخطبة الجمعة.

ومع انتهاء الصلاة كانت هناك ثلاث عربات أمن مركزي وعشرات الجنود لينصرف الناس ويتجه د. عمار إلى شارع المنيل، ويشاهد مجموعة من المصريين جالسين على مقهى ويحتسون الشاي والقهوة ويدخنون النارجيلة ويلعبون الطاولة، وفي المقابل شاهد مجموعة من البلطجية وفي أيديهم عصي غليظة، ليسأل نفسه “هل خذلنا الناس؟” ولكن من قلب هذا المشهد الدرامي لاح لعينيه حشد قادم من ميدان “الباشا” ويجد سيلًا من البشر، ,ويقول د. عمار لنفسه “لم يخذلونا”.

يروي الكاتب أنه تحرك مع طوفان من الناس، انضم لهم المزيد من الشوارع الجانبية، وسط هتافات مثل “مش هنخاف من ابوك يا جمال ..صوتنا العالي يهد جبال” وليتحرك الحشد من أمام مسجد “صلاح الدين” وينظر لهم البلطجية في ضعف واستكانة بسبب العدد الضخم، واضطر النقيب الواقف مع الجنود أن يفتح الطريق للمتظاهرين بعد التشاور مع رتبة أعلي منه من خلال اللا سلكي لتكون المعركة الرهيبة في شارع “القصر العيني”. هراوات وقنابل ودروع ومصفحات، دخان وماء وضرب مبرح واقتراب من الموت خنقًا، وبصل وخل وزجاجات مياه وكوكاكولا من الشرفات لمواجهة العطش والغاز.

ساعتان من الصد والرد ثم انسحاب مفاجيء للجنود ليدخل الزاحفون الي الميدان بشعار “الشعب يريد إسقاط النظام”، وتمضي أيام الثورة الـ18 بين محاولات للحلول الوسط عن طريق “لجنة الحكماء” التي رفضها شباب الميدان و بين مناورات جماعة الإخوان التي قبلت اللقاء مع اللواء عمر سليمان لإبقاء كل الخطوط مفتوحة مع كل الأطراف، و”موقعة الجمل” التي استخدم فيها مؤيدو مبارك السيوف والجمال والجياد والشوم وكسر السيراميك المَسنون، ليشارك الكثيرون في المعركة ويُبلي شباب الالتراس بلاء حسنًا ومعهم شباب الإخوان، لتنتهي هذه المرحلة بتنحي مبارك وتسلم المجلس العسكري للسلطة بدلًا منه.

لقاء الجنرالات

يذكر د. عمار أن وجهي اللواءين امتقعا عندما طالب بتكوين مجلس رئاسي مكون من ثلاثة مدنيين وعضوين من العسكريين، وأن اللواءين لم يذكرا أو يعترفا بـ “الشرعية الثورية”، وإن تحدثا عن شراكة بين الجيش والثورة.

كان انطباع د. عمار أن الجنرالات يعتبرون ما جرى في 25 يناير مجرد انتفاضة أراحتهم من التوريث وأن موقف الجنرالات من الشباب هو “لقد صنعتم ثورة عظيمة، شكرًا لكم، عودوا إلى منازلكم ونحن سندير كل شيء”. رغم أن حوار د. عمار مع السيسي، رئيس المخابرات العسكرية وعضو المجلس العسكري في يونيو 2011، أشار إلى أن الثورة الشعبية حَمَت الجيش أيضًا مثلما ساهم الجيش في حماية الشعب.

قال عمار للسيسي: “قوات الأمن كانت أضعافنا وانهزمت أمام الشعب مع أنها مدربة علي مواجهات الشوارع”.

فرد السيسي: “مبارك جعل قوات الأمن جيشًا موازيًا لا ينقصه الا الدبابات والطائرات”.

فقال له عمار: “كان يجهز هذا الجيش الموازي لحماية عملية التوريث، ولو كنتم أبديتم رفضًا قاطعًا لمجيء نجله جمال إلى الحكم لواجهتكم قوات الأمن تلك”.

فهز السيسي رأسه موافقًا علي الكلام بينما واصل د. عمار:

“هذا معناه أن الثورة العظيمة أنقذت الجميع من هذا السيناريو الكارثي”.

فرد السيسي وقال: “الحمد لله”.

شهد اللقاء، الذي ضم عدة كُتّاب إلى جانب اللوائين محمد العصار والسيسي، اقتراحات كثيرة لم يقم بتنفيذها المجلس العسكري، ويذكر د. عمار أن وجهي اللواءين امتقعا عندما طالب بتكوين مجلس رئاسي مكون من ثلاثة مدنيين و عضوين من العسكريين، وأن اللواءين لم يذكرا أو يعترفا بـ “الشرعية الثورية”، وإن تحدثا عن شراكة بين الجيش والثورة، وإن وصفها د. عمار بنظرية “الشريك المخالف”وعندما أبدى مخاوفه بشأن حدوث مواجهة بين الجيش والشعب كانت طمأنة اللواء السيسي بأن هذا اليوم لن يأتي أبدًا وأن قيمة “تماسك” القوات المسلحة تدمرها مثل هذه المواجهة.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2011 قابل د. عمار ضابطي صف في القوات الجوية قام بتوصيلهما من السويس للقاهرة، ومن خلال الحديث عرف أن المجلس العسكري أجري استطلاعًا داخل صفوف القوات المسلحة ما بين 25 يناير و 11 فبراير حول إمكانية تدخل الجيش لتظهر النتيجة وتشير أن الأغلبية الساحقة مع الشعب وضد أي تدخل عنيف لفض المظاهرات، بينما كان المجلس العسكري في ما بعد التنحي متراخيًا في حل المجالس المحلية ومواجهة أعضاء الحزب الوطني ليقول د. عمار للفريق سامي عنان في أحد اللقاءات التي كان يجريها مع الكُتّاب والخبراء:

“أنتم جزء من الثورة المضادة”.

يسقط حكم العسكر

في اليوم الثاني من المظاهرات التي اعتبرها د. عمار موجة ثورية ثانية اتصل الكاتب بعصام العريان ليدعوه للمشاركة في المظاهرات أو على الأقل الكف عن مهاجمة الثوار، ولكن رد العريان كان: “تقديراتنا مختلفة، ولن نشارك، لأنها مؤامرة لتأجيل الانتخابات البرلمانية”.

يَصِف الدكتور عمار مذبحة “محمد محمود” التي جَرَت في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 بالفارقة والدالة حيث نزل إلى التحرير مع مَن نزلوا بعد أن شاهد في التلفزيون جنود الأمن المركزي وهم يركلون شابًا ويلقونه مع النفايات ليمتليء الميدان وتتدخل قوات الشرطة العسكرية بالرصاص الصوتي وقنابل الغاز والرصاص المطاطي والضرب بالهراوات دون هوادة، ليتقهقر المتظاهرون نحو كوبري قصر النيل و يولد هتاف “يسقط يسقط حكم العسكر” هادرًا بعد أن كان يقال همسًا.

وفي اليوم الثاني من المظاهرات التي اعتبرها د. عمار موجة ثورية ثانية اتصل بعصام العريان ليدعوه للمشاركة في المظاهرات أو على الأقل الكف عن مهاجمة الثوار، ولكن رد العريان كان: “تقديراتنا مختلفة، ولن نشارك، لأنها مؤامرة لتأجيل الانتخابات البرلمانية”، واستفاد الإخوان من تلك الموجة بإعلان المجلس العسكري تحديد موعد لانتخابات الرئاسة، ومع سقوط القتلى من المتظاهرين كان د. عمار يطالب في مداخلاته مع القنوات الفضائية بمحاكمة المشير طنطاوي بتهمة قتل المتظاهرين أسوة بمبارك.

وفي اليوم الثالث من موجة “محمد محمود” كان هناك إلحاح من شباب “حملة البرادعي” لإقناعه بتولي رئاسة مجلس الوزراء وهو في صمت وابتسامة رافضة، وعند اجتماع الجمعية الوطنية وبعد لقاء البرادعي مع الفريق سامي عنان كانت المعلومة أن المشير طنطاوي رافض لتولي البرادعي المنصب، وعند محاولة طرح الأمر علي الميدان للحصول علي قوة ضغط باقتراح البرادعي رئيسًا للوزراء مع وجود نائبين له هما د. حسام عيسي و د. أبو الفتوح، كان الانقسام في الميدان وهو ما كان يحدث كثيرًا ويُضعِف القوة الثورية. ويري د. عمار أن هناك قوى كانت تغذي الانقسامات وهما قوى النظام السابق وأجهزتة الأمنية من جهة، ومن جهة أخرى جماعة الإخوان التي كانت تستفيد من الانقسامات لتجني الثمار.

ويستدل الدكتور عمار على انتهازية الإخوان بواقعتين، الأولى قبل الثورة وأثناء اجتماعات الوطنية للتغيير، كان الاتفاق أن تكون البداية بصناعة الدستور لو سقط مبارك وهو ما خالفه الاخوان، والواقعة الثانية عندما قامت القوى السياسية بإعداد قانون الانتخابات لتكون المقاعد مناصفة بين “الفردي” و “القائمة” حتي لا يتم الطعن علي نتيجة الانتخابات، ولكن الإخوان اعترضوا وتغيرت النسبة الي الثلث والثلثين مع إمكانية ترشح مرشحي الأحزاب على مقاعد الفردي وهو ما أدى إلى حل البرلمان لاحقًا.

المرشح الثوري

يشير عمار علي حسن إلى أنه كان هناك أثر للمنافسة الطلابية القديمة بين حمدين صباحي وبين أبو الفتوح.

انضم د. عمار لـ “لجنة المائة” التي كان هدفها وضع معايير محددة يتم التوحد بها وراء مرشح من التيار الثوري، على شرط أن يكون كفؤًا ولديه فرصة كبيرة في الفوز بالانتخابات. كانت الفكرة هي إقناع أحد المرشحين الأكبر حظًا، وبالتالي حاولت اللجنة إقناع حمدين صباحي وعبد المنعم أبو الفتوح بأن يتنازل أحدهما لدعم الآخر، مع إعلان أنه سيتم اختياره نائبًا بعد نجاح المرشح الآخر.

الانتخابات نفسها أثبتت أهمية هذا الطرح حيث حصل كلا المرشحين مجتمعين على أصوات تفوق محمد مرسي وأحمد شفيق، وعندما قابلت اللجنة أبو الفتوح كان من المتوقع أن يكون هو المرشح المختار، ولكنه سأل اللجنة عن حازم صلاح أبو اسماعيل، وهل يمكن ضمه إلى الفريق الرئاسي، وهو ما لم تقتنع به اللجنة لابتعاد أبو اسماعيل عن فكرها، بينما كان أبو الفتوح يبحث عن أصوات السلفيين ومؤيدي أبو اسماعيل وفي نفس الوقت كان أبو الفتوح متخوفًا من أن يؤثر تحالفه مع صباحي علي أصوات الاسلاميين التي كان يسعي وراءها. في حين كان “صباحي” دبلوماسيًا و لم يقم بإعطاء إجابة واضحة بموافقته أو رفضه للفكرة.

يشير عمار علي حسن إلى أنه كان هناك أثر للمنافسة الطلابية القديمة بينه وبين أبو الفتوح، والتي بدا أنها ما زالت في الأذهان، والغريب أنه من بين المرشحين الثلاثة الأقل حظوظًا وهم المستشار البسطاويسي و أبو العز الحريري و خالد علي لم يقم أي منهم بالاستجابة للفكرة والانسحاب، بل ظلوا في السباق الرئاسي حتي النهاية لتضيع فرصة هامة ومؤثرة.

كتاب “عشت ما جري” للدكتور عمار علي حسن شهادة مليئة بتفاصيل كثيرة هامة، خاصة ونحن نعيش أجواء من التزوير الفاضح للتاريخ و المبني على روايات مختلقة لا يساندها سوي تكرارها وإفساح المجال لها حتي تصنع المزيد من الوهم عما حدث وما سوف يحدث.


كتاب “عشت ما جرى”

عمار علي حسن

سلسلة “كتابات الثورة

الهيئة العامة لقصور الثقافة، 2013

نشر في موقع المنصة 14 مارس 2017

8/11/2016

نور الشريف ثقافة نجم شباك



نجم الشباك  هنا هو نجم السينما القادر على تحقيق الإيرادات وتصدر قائمة الممثلين في الفيلم، حيث يكون هو واحد من أهم عوامل جذب الجمهور لدار العرض السينيمائي, وباستعراض تاريخ السينما المصرية، سوف نجد  للأسف أن ارتباط نجوم الشباك بالثقافة هو شيء نادر جدا، وأن من ارتبط اسمه بالثقافة مثل الفنان محمود مرسي مثلا، فإنه لم يكن نجم شباك فعلا, فيمكننا القول فعلا بأن نور الشريف وهو فنان صاحب ثقافة وصاحب وجهة نظر – قد تتفق أو تختلف معها- لكن من الصعب أن تنكر أنه فنان مثقف في مجاله أولا، حيث يمكنك أن تستمع له وهو يتحدث عن زوايا التصوير وحركة الكاميرا وطبيعة الإضاءة ونوعية العدسات ومشاكل الصوت وأهمية المونتاج واختلاف مدارس المخرجين.. وثانيا ثقافته العامة التي تشمل الثقافة الأدبية والسياسية والتاريخية والدينية، التي لا تقتصر على كونه قد قرأ بعض الكتب في هذه المجالات، بل لقد كون وجهة نظره الخاصة وقناعاته التي قد تصدم المشاهد في بعض الأحيان. يرى الكثير من العاملين في المجال السينمائي أن “الثقافة “ضارة بالنجم لأنها سوف تدفعه إلى عمل أفلام غير جماهيرية وغير مفهومة، مما يؤدي إلى انهيار شعبيته وسقوطه سريعا في السوق الذي لا يرحم، فلنتأمل مشوار نور الشريف السينمائي ونشاهد ماذا أضافت له الثقافة وهل أضرت به أم لا؟
بداية النجومية.. أن تقدم ما يرغبه الجمهور بشكل جديد
على الرغم من وصول نور الشريف لأدوار البطولة المشتركة والمطلقة أحيانا، إلا أنه يقرر الاعتماد على واحدة من أعمال الأدب العالمي التي لا تفشل أبدا في مصر “أمير الانتقام ” و”أمير الدهاء” “الكونت دي مونت كريستو”، لكنه يقرر أن يقدمها بشكل عصري  يناسب منتصف السبعينيات وبمخرج محب لأفلام الأكشن الأمريكية ليمنحه فرصة الإخراج الأولى “سمير سيف”، ويقرر انتاج الفيلم “دائرة الانتقام” الذي نجح نجاحا كبيرا، ليضعه كواحد من نجوم الشباك الكبار في هذا الوقت ولمدة تقارب العشرين عاما.
التوازن المستمر
بعد تواجد نور الشريف كنجم شباك، يضع ما يشبه القاعدة في تعامله مع الجمهور، وهي وجود اتفاق غير مكتوب بأنه لن يقدم طوال الوقت ما يرغبه الجمهور فقط، ولن يقدم طوال الوقت ما يرغب فيه هو شخصيا من أفلام مختلفة. سوف تكون هناك موازنة.. هذا الفيلم لكم وهذا الفيلم لي، وقد نلتقي في المنتصف أحيانا, فكما قدم في السبعينيات أفلاما ميلودرامية وكوميدية وأفلام حركة ترضي الجمهور، قدم أفلاما مأخوذة عن أعمال أدبية لدويستوفسكي وتينسي ويليامز.
الثمانينيات.. كل ما تتمناه
تأتي فترة الثمانينيات ومعها تتأكد نجومية نور الشريف، مما يجعله يطمئن إلى الاستمرار في تقديم المعادلة التي يرغب فيها، حيث بدأ بانتاج فيلم “ضربة شمس”، والذي قدم فيه واحدا من أهم مخرجي الثمانينيات “محمد خان”، ثم قام بمساندة “عاطف الطيب”، وذلك بقيامه ببطولة فيلميه الأول والثاني “الغيرة القاتلة” و”سواق الأوتوبيس”، وكذلك بطولة فيلم داوود عبد السيد الأول “الصعاليك”، وبالإضافة إلى ذلك، فلقد قام ببطولة آخر أفلام المخرج الكبير كمال الشيخ “قاهر الزمن”، والذي كانت تدور أحداثه في إطار من الخيال العلمي.. كل ذلك جنبا إلى جنب مع الأفلام التي  يعرف أنها سوف تحوز على إعجاب جماهيري أكبر مثل “غريب في بيتي” و”شوارع من نار”، بينما كانت هناك الأفلام التي حازت على الرضا الفني والإقبال الجماهيري الكبير مثل “العار” و”جري الوحوش”
التسعينيات.. الأزمات
تأتي التسعينيات محملة بالأزمات، بداية من أزمة فيلم “ناجي العلي”، والذي شارك فيه نور الشريف بناء على قناعاته السياسية والفكرية، والذي تعرض بسببه لحملات تخوين وتربص داخل مصر وخارجها, ثم جاءت أزمة السيما المصرية الانتاجية في منتصف التسعينيات، والتي أثرت على السينما المصرية ككل وعلى نجومها الكبار بشكل خاص، ليدرك نور الشريف أن الوقت قد حان للاهتمام بالتليفزيون بشكل أكبر وبالمشاركة في السينما بشكل أقل كثافة ولتصبح أبرز مشاركاته في (المصير) ليوسف شاهين و(عمارة يعقوبيان)  لمروان حامد.

التنوع وتقديم المخرجين الجدد، كانا من أهم ما استفاده نور الشريف من مخزون ثقافته في مشواره كنجم شباك، واعتقد أن ذلك ما جعل اسمه مرتبطا بالعديد من الأفلام المهمة في تاريخ السينما المصرية، وهو ما يحلم به كل نجم

9/24/2015

خيانة نور الشريف ..أحمد موسى موديل 90

 عام 1991 قرر الفنان الراحل نور الشريف أن يشارك في انتاج فيلم (ناجي العلي) وهو ما كان متسقا مع قناعاته و أفكاره ، قد تتفق أو تختلف حول الفيلم و أهميته من الناحية الفنية أو حول ناجي العلي من الناحيتين الفنية و السياسية ، و لكن من الطبيعي أن نتفق علي حق كل فنان في تمثيل و انتاج ما يرغب فيه و ما يقتنع به ، لكن ذلك لم يكن رد الفعل في الوسط الفني و السياسي في مصر و الوطن العربي في ذلك الوقت فلقد كان هناك هجوم شديد علي الفيلم الذي أغضب العديد من الدول العربية حيث أنه أشار الي تورط أياد عربية في اغتيال ناجي العلي.
و لقد وصلت حدة هذه الحملات الي درجة قيام دول الخليج بوضع اسم نور الشريف علي رأس قائمة فنانين لمقاطعة أفلامهم كما روي في حوار تليفزيوني مع يوسف شريف رزق الله قبل رحيله مما يعني القضاء عليه سينمائياً في زمن كان المنتج المصري يعتمد فيه علي سلفة الموزع الخليجي اعتماداً رئيسياً ، مما أدي الي أن يفكر نور الشريف أن يهاجر الي لندن و أن يعتزل التمثيل لولا تدخل أسامة الباز و رئاسة الجمهورية من أجل انقاذ الموقف.
أما في مصر فكانت هناك حملة “رخيصة ” علي طريقة توفيق عكاشة و أحمد موسي قادها كالعادة ابراهيم سعدة في أخبار اليوم و معه مجموعة من الصحف و المجلات بكل الاتهامات التي يمكن تخيلها و التي عادت لنسمعها من بعد 25 يناير في القنوات الفضائية و الصحف و التي سجلها و احتفظ بها الاستاذ مجدي الطيب و عرضها في مقاله الجميل و المهم و المليء بالمرارة “شاهد عيان علي اتهامه بالخيانة العظمي” و المنشور في الملف الخاص بمناسبة رحيل نور الشريف في عدد جريدة القاهرة بتاريخ 18 أغسطس و منها علي سبيل المثال مقال لابراهيم سعدة بعنوان “نور الشريف و دولاراته ” حيث يقول فيه لنور الشريف “هل تستحق كنوز الدنيا كلها أن تبيع بلدك من أجلها “.
هي نفس الاتهامات التمويل الخارجي بالدولارات و التخوين و المزايدة باسم الوطن .
ثم عاد ابراهيم سعدة ليطالب بمنع عرض الفيلم قائلاً ” ان عرض الفيلم يعني أن حكومة عاطف صدقي ممثلة في وزارة فاروق حسني الثقافية لا تهتم بسمعة مصر ولا بزعامة مصر ولا بوطنية و عروبة مصر ” وهو ما يشبه المطالبة بالمنع و القمع الآن من أجل هيبة الدولة و مكانة أم الدنيا.
الحملة التي اشترك فيها سمير رجب و عبد العظيم رمضان و حسن شاه و عصام بصيلة و بعض الفنانين نجحت بالفعل في استبعاد الفيلم من المهرجان القومي للسينما و ذلك في سابقة فريدة من نوعها و لكنها لم تنجح في منع الفيلم و في المقابل حذر عبد الحي أديب من المكارثيين الجُدد و وقف بجانب حرية التعبير كل من مصطفي أمين ، كامل الزهيري،أحمد عبد المعطي حجازي، اللباد،البهجوري و بهجت.
قارن بين المزايدين و أصحاب الصوت العالي سوف تجدهم الآن ما بين متهم في قضايا فساد و بين من أصبحوا منسيين لضعف مواهبهم لذلك كانوا يقومون بالمزايدة و التهليل للسلطوية و القمع بينما يقف المبدع الحقيقي و صاحب المبدأ ضد الحملات العكاشية السعدية (نسبة لابراهيم سعدة ) احتراماً لنفسه و حفاظاً علي الحرية التي لا يساوم عليها .

9/01/2015

مسرحية ثلاثي أضواء المسرح التي أصر عبدالناصر على منعها

بدأت فرقة “ثلاثي أضواء المسرح”  المكونة من سمير غانم وجورج سيدهم والضيف أحمد الوصول للشهرة  بتقديم الاسكتشات الغنائية التي كان من أشهرها “دكتور إلحقني”، ثم شاركت في تقديم فوازير رمضان في الستينيات والسبعينيات, وتحولت إلى فرقة مسرحية في الستينيات لتقدم مجموعة من المسرحيات منها “حواديت” و”طبيخ الملايكة”، وبعد وفاة الضيف أحمد المفاجئة، استمرت الفرقة في تقدم مسرحيات أشهرها “جوليو ورومييت” و”موسيقى في الحي الشرقي”، ثم حدث الانفصال بين سمير وجورج.. لم تشتهر الفرقة أو أبطالها بالمسرحيات التي تحتوي على نوع من النقد السياسي حتى على سبيل التلميح، ويبدو أن هذه الحادثة التي وقعت في بداية مشوارهم، كانت هي السبب في تجنبهم التام للسياسة.
“مطلوب ليمونة”
كان  هذا هو عنوان المسرحية التي أراد جورج سيدهم أن ينتجها لفرقة الثلاثي المسرحية، كانت من تأليف الإذاعي أحمد سعيد، الذي اشتهر بالبيانات الحماسية في إذاعة صوت العرب، لكن ما حدث وفقا لروايته في كتاب ثلاثي أضواء المسرح 40 عاما من الضحك “للكاتب طاهر البهي” أنه قد استخدم أسلوبا مبتكرا في الإعلانات، فكتب في إحدى الجرائد مطلوب.. وبعد أسبوع كتب في نفس المكان مطلوب لمونة، المهم أنه قبل الافتتاح ذهب جورج إلى المسرح ليجد عمالا يقومون بتغطية أفيشات المسرحية، وتم إلغاء المسرحية، وأن السبب كان أن المؤلف أحمد سعيد كان من المغضوب عليهم في تلك الفترة, أما رواية الكاتب علي سالم فتذهب إلى أن السبب في إغلاق المسرحية، كان في عنوانها، حيث المقولة الشعبية “ليمونة في بلد قرفانة” وأن انتشار أفيشات مطلوب ليمون سوف يعطي انطباعا بالجملة الناقصة في أذهان الناس، وأن المنع قد تم في البروفة النهائية, كما يضيف معلومة أن المخرج كان الفنان عبد المنعم مدبولي, الرواية الثالثة هي لعضو الفرقة الفنان أحمد نبيل، وهي مختلفة بعض الشيء، ولقد رواها في برنامج تليفزيوني في رمضان الماضي، حيث يحكي عن قيام قوات الأمن بالقبض عليهم في يوم “البروفة” النهائية واقتيادهم إلى المخابرات لمدة يومين ومنع المسرحية، وتلطيخ إعلاناتها  بالسواد وذلك بسبب وجود مضمون سياسي في المسرحية, والرواية الرابعة والأخيرة عن هذه الحادثة هي لأحمد سعيد شخصيا، ويحكي فيها فكرة المسرحية وسبب المنع.
“تدور المسرحية عن “قصة رجل يبلغ 40 عاما يريد الزواج وبدأ يبحث عن سيدة مناسبة، فعثر على أرملة رجل صعيدي يدعى عبده وله 12 من الأشقاء وقصد من هذا العدد الإشارة إلى أعضاء مجلس الثورة، وتم رفضها من الرقابة نتيجة ضغط من الرئيس جمال عبد الناصر بسبب ثلاثة سطور بها وضحت عملية إسقاط كبيرة على الثورة رغم سماح الرقابة بها في البداية، حيث لم ينتبهوا لذلك الإسقاط.. بعد أن أطلق الشعب النكات على هذه المسرحية.. وفوجئ ثلاثي أضواء المسرح بأن الرئاسة أصدرت أمرا بإعادة النظر فيها، فأعيدت إلى الرقابة في ذلك وتم تعويض الفرقة المسرحية ماديا، وكان ثروت عكاشة وزيرا للثقافة وذهب إليه فأبلغه أن الرئيس عبد الناصر شخصيا رفض المسرحية.. رغم أن الرواية اجتماعية ”
على الرغم من أهمية تلك الحادثة وشهرة المشاركين فيها، عبد الناصر وفرقة الثلاثي وثروت عكاشة، إلا أنها ربما تكون شبه مجهولة أو لا تجد الاهتمام الكافي في العلاقة بين السلطة العسكرية والمسرح الكوميدي في مصر بفتراته المختلفة.

7/19/2015

رابعة العدوية متورطة في قضية هشام بركات ..و منعنا الملاك جبريل

حوار بين المنطق و العبث في مصر 2015

 و عملتوا ايه في موضوع النائب العام ؟
= عاقبنا رابعة
- ايه ده طلعت واحدة اسمها رابعة هي اللي ورا موضوع الاغتيال
= لا يا عم رابعة العدوية دي ماتت من ييجي الف سنة شلنا اسمها من الجامع اللي في مدينة نصر علشان الاخاوان كانوا معتصمين هناك من سنتين
- ايوه التحقيق بتاع القضية وصل ل ايه ؟
= عاملين حظر نشر و لسه ما اعلنوش النتايج
- طب ايه اللي دخل القضية في تغيير اسم الجامع ؟
= علي فكرة افتتاح قناة السويس الجديدة هيبقي عالمي علشان تبقي فاهم
.....................................
- و بعدين بعد ما شالوا المجانين اللي قالوا ان جبريل نزل في رابعة ايه اللي حصل
= ابدا .. مسك ناس مكانهم و منعوا جبريل من السفر
- الملاك جبريل ؟
= لاء جبريل اللي بيدعي.. اصلهم خافوا و هو بيدعي يكون جبريل في رابعة فيوصل الدعا لفوق