2/12/2022

مذيع هزيمة يونيو 1967 : السادات ارتكب نفس جريمة صدام حسين

ارتب ط  اسم مذيع صوت العرب “أحمد سعيد” بهزيمة 5 يونيو بسبب بياناته الشهيرة عن


نجاح مصر في إسقاط عشرات الطائرات الاسرائيلية، وبالغ الكثيرون واعتبروه من أسباب الهزيمة متجاهلين أنه كان مجرد ترس في نظام كامل عاش على الكذب والتضليل والصوت الواحد لمدة 13 عاما، ولم تكن الهزيمة سوى الصخرة التي تحطمت عليها أوهام النظام الناصري كله.

بعد غياب طويل عن الاضواء ومع النصف الثاني من التسعينات عاد أحمد سعيد للظهور في بعض الصحف والمجلات مثل “الدستور”و “الأهرام العربي” التي أجرى معها حوارا عام 1998مع الصحفي أشرف صادق تحت عنوان “أنا ميت منذ 5 يونيو 1967” ويحكي فيه سعيد بدايته مع الاذاعة المصرية عام 1950 وتغطيته لعمليات الفدائيين للقناة بصورة حماسية ، مما ادى لاستبعاده من الاذاعة بعد حريق القاهرة بسبب اعتبار تغطيته الحماسية قد أثارت الجماهير و دفعتهم لعمليات التخريب، والغريب أنه رغم اعتراف سعيد بدور رسائله الاذاعية بالشحن ضد الاحتلال والملك إلا أنه يرى أن الهدف من الحريق هو وقف الكفاح المسلح ضد بريطانيا والتخلص من حكومة الوفد،ومن هنا نلاحظ بداية التفسير المؤامراتي للأحداث وهو ما سوف يتطور مع الوقت مع نظام يوليو، فحريق القاهرة الذي لم يثبت وجود جهة مدبرة له جاء كرد فعل شعبي بعد قتل القوات البريطانية لعشرات من رجال الشرطة المصريين في 25 يناير 1952.

عبد الناصر ..الحلم والزعيم والديكتاتور

لا ينفي سعيد نشأة اذاعة صوت العرب  على يد جهاز المخابرات المصري ويرى أن ذلك أمر طبيعي في ذلك الوقت كارتباط الاذاعة البريطانية واذاعة “صوت أمريكا” بالمخابرات البريطانية والأمريكية، ويفخر سعيد بالدور الذي قامت به “صوت العرب” في تحرير الجزائر وغيرها من القضايا العربية، ويعترف أن حرب 56 كانت بمثابة هزيمة عسكرية تحولت لنصر سياسي وأنه كان يذيع البيانات العسكرية الكاذبة في 56 و67 للحفاظ على تماسك الشعب كجندي يقوم بتنفيذ التعليمات العسكرية، وأنه لم يكن الوحيد الذي يكذب بل جميع الصحف كانت تفعل ذلك أيضا.

تبدو علاقة سعيد بعبد الناصر ملتبسة ومتناقضة، فلقد تم فرض رقابة على ما يقوله في الإذاعة بعد اذاعته للحقائق حول الهزيمة في 13 يونيو 67 ثم إجباره على الاستقالة من الاذاعة رغم وعد عبد الناصر السابق له بأنه سيعيش ويموت مديرا لصوت العرب مدى الحياة، وكانت رؤيته أن الهزيمة لم تكن هزيمة جيش بل هزيمة نظام، وأن عبد الناصر يشترك في المسؤولية عن الهزيمة بجانب المشير عامر الذي ربما يكون قد قُتل أو انتحر، وأن تنحي عبد الناصر كان “عملية محسوبة”، الا أنه في نفس الوقت يظل متمسكا بحلم الوحدة العربية وبأن عبد الناصر قد حقق هذا الحلم رغم وجود أخطاء وفشل، ويتاثر عندما يحكي عن لقاء جمع بينهما فتمتزج دموعه بضحكته الحزينة ويقول “يقولوا ديكتاتور يقولوا عسكري يقولوا بتاع نكسة 67، هذا شيء وزعامته وبطولته شيء آخر”.

بينما يبدو على العكس تماما في تقييمه للسادات فيرى أن نتائج حرب أكتوبر 73 كانت اكثر خسارة من يونيو 67، ففي يونيو هًزمنا ولكننا في 73 ” لا اقول انتصرنا بل عبرنا وهم أيضا عبروا الى غرب السويس, وماذا عن نتيجة العبور ..اعترفنا باسرائيل..هل هذا نصر؟”, ويعتبر أن السادات قد ارتكب جريمة مماثلة لجريمة صدام بغزو الكويت وهي جريمة زيارة القدس ومعاهدة كامب ديفيد وأن تداعيات الجريمتين عبارة عن صورة طبق الأصل.

يعبر أحمد سعيد عن مشكلة من اختصروا مشكلة الأنظمة الشمولية القومية الديكتاتورية في هزيمة عسكرية أو اخطاء فردية، فربما كان من الممكن تفادي الهزيمة لسبب أو لآخر، ولكن المؤكد أن تلك الأنظمة كانت تحمل نهايتها في داخلها وفي أسس نشأتها من ديكتاتورية وكذب وتعبئة الشعوب وسيادة الرأي الواحد والقضاء على المعارضة، وهو ما أدى لكوارث مختلفة للأنظمة المشابهة، أنظمة البعث في سوريا والعراق ونظام القذافي في ليبيا، وصولا للاتحاد السوفيتي الذي تفكك دون حرب مباشرة، ولم يدرك الكثيرون حتى الآن أن الاعلام الصانع لفكرة الزعيم الملهم و تحكم الأجهزة الأمنية وكبت الحريات وسجن المعارضة هو المنبع الكبير لكل الانتكاسات والمصائب المستمرة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق