‏إظهار الرسائل ذات التسميات هيكل. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات هيكل. إظهار كافة الرسائل

2/08/2022

من يبايعني على الموت.. من أجل صلاة التراويح

 ال الانفعال” تعبير ذكره أحمد خالد توفيق في أحد مقالاته نقلا عن الكاتب محمد حسنين هيكل وهو يصف المبالغة في الهجوم على رواية “وليمة لأعشاب البحر” ، الرواية التي هاجمها التيار الاسلامي في مصر بمظاهرات ومقالات في جريدة “الشعب” أشهرها مقال للكاتب محمد عباس بعنوان “من يبايعني على الموت”، يبدو تعبير “هيكل” منطبقا بشدة اليوم على ما تقوم به تيارات الاسلام السياسي وأدواتها الاعلامية من “تسخين” للمصريين بسبب اغلاق المساجد ، وما تلاه من منع لصلوات الجمعة والجماعة، ويزداد هذا الافتعال مع قدوم شهر رمضان وصلاة التراويح لتبدأ تلك الجماعات في تبني خطاب يردد عبارات يتهم بها النظام الحاكم بأنه ضد شعائر الاسلام وأنه قد اتخذ من الكورونا فرصة لاغلاق المساجد ، مع مقارنات بتصوير المسلسلات وتزاحم الناس في المواصلات العامة ، وهو اتهام غير حقيقي فالنظام الحاكم لا يريد غلق المساجد ولكنه يريد السيطرة عليها ، وهو ما تحقق بشكل كبير وأعطى للنظام فرصة أن يقوم هو الآخر باستغلال الدين من أجل مصلحته السياسية ، بل وقام النظام ببناء العديد من المساجد الجديدة والضخمة كمسجد “الفتاح العليم” في العاصمة الادارية الجديدة ، وهو ما يؤكد أن النظام ليس عدوا للاسلام ولكنه يريد فرض نسخته الخاصة من الاسلام التي تضمن له استقرار الحكم وهو نفس ما قامت به جماعات الاسلام السياسي ، فالمعركة واحدة وهي استغلال كل طرف للدين من أجل مصلحته وتكفير الطرف الآخر واعلان خروجه عن “الاسلام الصحيح ” بالطبع هناك مصريون مسلمون يشعرون بالحزن لاغلاق المساجد ولكن أغلبهم يعرف أن هذا الاغلاق متعلق بوباء خارج عن ارادة الجميع وهم يتمنون انتهاءه من أجل العودة للحياة الطبيعية بما فيها من مقاهي ومساجد ومطاعم ، ولكن جماعات الاسلام السياسي تلعب على وتر الدين وعلى نغمة الاضطهاد المحببة لدى كثير من المسلمين لتحقق انتصارا سياسيا تحت عنوان نصرة الاسلام .كان من الأجدى أن تقوم تلك الجماعات بدورها كمعارضة سياسية تنتقد الأخطاء والأضرار التي ألمت بالناس جراء التعامل الحكومي في هذه الأزمة والذي أصاب أحيانا وأخطأ أحيانا ، ولكنهم فضلوا اللجوء الى السلاح السهل والرخيص والمفتعل “انهم يحاربون الاسلام” .

1/21/2022

جمال عبد الناصر زعيم الطلبة وقاتلهم


في عام 1968 عام الثورات الطلابية في مختلف دول العالم وأشهرها حركة الطلاب في فرنسا , وتواكبت معها حركة للطلاب في الولايات المتحدة وايطاليا وصولا لليابان شرقا , لم يكن تأثير هذا الحراك بعيدا عن الطلبة في مصر حيث ساهمت هزيمة 1967 في اهتزاز الصورة التي صدرها نظام عبد الناصر للشعب على مدار سنوات طويلة, ليصل غضب الطلبة المصريين الى ذروته بعد أحكام الطيران الهزلية التي اعتبرها الطلبة والعمال تمثيلية لعدم محاسبة المسئولين الحقيقيين عن الهزيمة.وكانت مظاهرات الطلبة في فبراير 1968 هي بداية لحراك طلابي سوف يستمر لسنوات عديدة ,وكما يروي دكتور أحمد عبد الله رزة في كتابه الطلبة والسياسة في مصر فقد أسفرت هذه المظاهرات التي انطلقت في القاهرة والاسكندرية عن مقتل اثنين من العمال في القاهرة ,كما تم تنظيم اعتصام طلاب في كلية الهندسة بجامعة القاهرةلم ينته الا مع استدعاء أجهزة الأمن لأولياء أمور الطلبة للضغط عليهم وكذلك تقديم الطلبة بمطلبهم لرئيس مجلس الامة , ومع رفض رئيس مجلس الأمة لنشر بيان بمطالب الطلبة في الصحف , كتب الطلبة شعاراتهم على جدران كلية الهندسة " يجب إنهاء حكم المباحث والمخابرات " , " تسقط دولة المباحث " , " تسقط صحافة هيكل الكاذبة " , " لا حياة مع الإرهاب , ولا علم بلا حرية " , " القضية ليست قضية الطيران بل قضية الحريات " .ومانت هتافات المتظاهرين تصل لمعارضة النظام وعبد الناصر بشكل مباشر " تسقط دولة المباحث " , " تسقط دولة العسكريين " ,"هيكل هيكل ياكداب .. بطل كدب يانصاب " , "ياجمال للصبر حدود .. عشرة يونيو مش ح تعود " , " 9 يونيو أيدنالك .. والنهاردة عارضناك " .
وعقب انتفاضة الطلبة قام عبد الناصر بالقاء خطاب في منطقة حلوان مزج فيه بين تقديره لغضب الطلبة من الهزيمة وبين الاتهام المعتاد بوجود عناصر مندسة " أنا بقول أن العملية بدأت عملية تلقائية هنا فى حلوان . وبدأت عملية تلقائية فى الجامعة . لكن بعد كده العملية ما أصبحتش عملية تلقائية .. انا برضة باقول لاخواننا الطلبة فى الجامعة قبل ما تنقاد وراء أى شعار شوف مين إللى بيردد هذا الشعار , ما كل واحد ليه أوضاع طبقية . طبعاً فيه ناس اتاخدت املاكهم وفيه ناس اتاخدت اراضيهم , وفيه ناس اتأممت مصانعهم , ودول أولادهم موجودين فى أوساطنا .. الرجعية اتحركت ازاى ؟ حاولوا استغلال مظاهرات الطلبة , ورفعوا شعارات الحرية والديموقراطية"
وفي نوفمبر 1968 يروي الدكتور هشام السلاموني في دراسته الجيل الذي واجه عبد الناصر والسادات ..دراسة وثائقية للحركة الطلابية 1968-1977, بدات مظاهرات طلاب الثانوي في المنصورة وذلك احتجاجا على قانون التعليم الجديد الذي كان يضع قيودا جديدة على الالتحاق بالجامعة ,وامتدت المظاهرات للمعهد الديني في المنصورة ليصل عدد المتظاهرين الى ألفين, وتتم مواجهة المظاهرة بالرصاص ويسقط اربعة قتلى من المتظاهرين , ليصل الخبر الى طلبة جامعة الاسكندرية عن طريق الطلبة من أبناء المنصورة.
ويروي اللواء مصطفى الحناوي قائد سلاح الطيران عام 1968 للدكتور هشام السلاموني عن أحداث خطيرة حدثت خلال المظاهرات عندما اتصل به الفريق محمد فوزي القائد العام للقوات المسلحة ويدور الحوار التالي
" قال محمد فوزي:
- اللواء مرسي في إسكندرية طلع بالقوات بتاعته عشان يفرق مظاهرات الطلبة ماقدرش، أنا باديك أمر أنك تفرق المظاهرات دي بضرب النار من طائرات الهليوكوبتر .. "الفريق فوزي قال كده وأنا الدم غلي في دماغي ماحسيتش بنفسي.." قلت:
- يانهار أسود .. سيادتك بتقول إيه .. نضرب الطلبة بالرشاشات المثبتة في الهليوكوبتر (تعديل لنا أجريناه في الهليوكوبتر ـ وعاوننا فيه أحمد فهيم الريان) أنت عارف سيادتك النتيجة ح تبقى إيه .. ح تبقى مجزرة .. حتبقى سلخانة ..
الطلقة 37 مللميتر .. مش ح تصيب واحد .. في الزحمة ممكن تصيب عشرة ورا بعض .. دققتين أمشيهم فوق شارع أبو قير وشيط واحد أخلصه (ألف طلقة هي الحد الأدنى) ونبقى محتاجين الجيش الثالث عشان يشيل الجثث .. إحنا جايبين الطيارات نحارب بيها إسرائيل والا نضرب بيها ولادنا.
قال محمد فوزي :
- دي أوامر السيد الرئيس جمال عبد الناصر .. السيد الرئيس بيقول إن مظاهرات الطلبة الغرض منها إسقاطه .. ويطلب منا مساندته."
ليرفض اللواء مصطفى الحناوي تنفيذ الأوامر ويعلن استعداده للمحاكمة العسكرية فقد رأى أنه لن يقوم بالمشاركة في مذبحة تُكتب في التاريخ مثل مذبحة القلعة ومذبحة كوبري عباس , واستشهد اللواء الحناوي باثنين من قادة الطيران ليؤكدا صحة ما قاله لهشام السلاموني , وكان جزاء اللواء الحناوي هو اطاحة عبد الناصر به بعد انتهاء المظاهرات لعدم مساندته.
"الى أبناء الجامعة..
في ذكرى ميلاد الزعيم..
نقدم أقواله الخالدة..
تمجيدا وذكرى.
اتحاد طلاب جامعة القاهرة
15 يناير 1971
هكذا كان الاهداء في مقدمة كتاب "الزعيم" الصادر عن اتحاد طلاب جامعة القاهرة عام 1971,الكتاب الذي يحتوي على مقولات جمال عبد الناصر عن الديموقراطية ,الاشتراكية,الشباب,الوحدة,السلام وعدم الانحياز ,الكتاب الذي يضفي هالة من الزعامة والحكمةعلى الرئيس الراحل , والصادر عن اتحاد الطلاب لا يمكن اتهام من أصدروه بالنفاق فلقد مات الرئيس, ولكن السؤال هو كيف ينسى أو يتناسى الطلبة ماحدث من قمع للحركات الطلابية في عهد عبد الناصر ومواجهة مظاهراتهم بالعنف الذي يصل للقتل , ويصبح الرئيس الراحل "زعيما" نسترشد بمقولاته وكلماته.
"يبقى الشعب لازم يتسلح بالوعي,علشان مينضحكش عليه,علشان يبني الديموقراطية السليمة,علشان يقيم العدالة الاجتماعية,ويقيم الاشتراكية في كل أنحاء البلد"
جمال عبد الناصر ..من كتاب "الزعيم"
قد يكون سبب تمسك بعض الطلبة بعبد الناصر كزعيم هو مشروعه الاشتراكي وسعيه نحو العدالة الاجتماعية , وفي هذه الحالة يقلل المؤيدون من أهمية حقوق الانسان ويبررون جرائم القتل والتعذيب أو يعتبرونها أضرارا جانبية لما هو أهم.ولكنهم يدركون لاحقا أهمية حقوق الانسان ويطالبون بالحرية والديموقراطية عندما يأتي السادات للحكم ويكتشفون أن توجهاته الاقتصادية والاجتماعية مخالفة لتوجهات عبد الناصر .
السبب الآخر هو تحول عبد الناصر بعد وفاته لأسطورة , وهو ما تساهم فيه أجهزة الاعلام وكتاب التاريخ , فكما يشرح هوارد زن في كتابه "التاريخ الشعبي للولايات المتحدة الأمريكية" فان التاريخ تتم كتابته من أعلى ويصبح الحكام أبطالا وأصحاب انجازات , ويتم تجاهل الجرائم التي تمت ضد فئات من الشعب بمباركة وتنفيذ الاجهزة التابعة للرئيس , فيصبح عبد الناصر هو قائد ثورة يوليو وصاحب انجازات التصنيع والسد العالي ويتم تناسي جرائمه ضد المعارضين والعمال والطلبة.
أيضا هناك شعار "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" ففي عام 1971 كانت سيناء لا تزال محتلة , وهو ما قد يدفع بعض الطلبة بأن يقوموا بتقديس الرئيس الراحل وعدم ذكر سلبياته بدعوى أن ذلك سوف يضر بالجبهة الداخلية وسوف ينال من الروح المعنوية للشعب , بينما الحقيقة هي أن التغاضي عن جرائم الزعماء هو ما يقود الأوطان للهزائم والكوارث.