كتاب بين الظل والشمس ادواردو جاليانو فرانكو، ديكتاتور اسبانيا يمنح مثيل هشام طلعت مصطفى عفو رئاسي من أجل البناء والتشييد |
كتاب بين الظل والشمس ادواردو جاليانو فرانكو، ديكتاتور اسبانيا يمنح مثيل هشام طلعت مصطفى عفو رئاسي من أجل البناء والتشييد |
لا تبدو تصريحات السيسي عن فيلم (الارهاب والكباب) بعيدة عن ما قاله الفنان شريف منير عن فيلم"ريش"،والذي كان رده عند تذكيره بمشاركته في فيلم"الكيت كات" بأن هذا الفقر لم يعد موجودا،ينتمي الفيلمان لمرحلة زمنية متقاربة 1991 و 1992، في بدايات التسعينيات ومع اشتداد موجة عنف الجماعات الاسلامية كان توجه النظام هو اعطاء قدر من الحرية للفن والكتابة يسمح بانتقاد النظام في مقابل الوقوف صفا واحدا في مواجهة الجماعات الاسلامية، وهو ما نتج عنه مجموعة من الأعمال الفنية تبدو جرأتها متجاوزة بمراحل ما يمكن تقديمه الآن،فالدولة الحالية لا ترى أنها بحاجة لمنح أي قدر من الحرية فهي قادرة على البطش بالجميع في وقت واحد، لذلك ستصاب بالهيستريا عند ظهور فيلم مستقل مثل "ريش"، وستعتبره امتداد لسلسلة أفلام صورت الواقع المصري ومشاكله ثم زرعت فكرة المعارضة في عقول الشعب مما أوصلهم بعد سنوات لكابوس 2011، فلم تكتف الدولة بملاحقة الأفلام الحديثة والسيطرة على ما ينتج من أفلام ومسلسلات تعرض "مصر الكومباوند" أو "مصر الوطنية"، بل تنبهت الى أن أفلام التسعينات لا تزال تُعرض في القنوات الفضائية وأنها تحمل نفس الرسائل التي تخشاها الدولة، ليصبح المطلوب هو اعادة تنقية التراث الفني وربما عدم عرضه هربا من شبح سخط الناس المتزايد
المشي هو حياة ،هو الحركة في مقابل الثبات هو الصوت في مقابل السكون، المشي في الشوارع هو اللقاء بأماكن متجددة بحيوات أخرى، من خلال سماع الأصوات ومشاهدة الوجوه والأجساد، وأيضا تأمل الأمكنة، التي تدفعك للسؤال والخيال،من كان يعيش في تلك البناية منذ سنوات بعيدة،هل لا يزال أولاده يعيشون فيها،هل تركها وترقى اجتماعيا فذهب لحي أكثر ثراء،أم أنه سئم من الازعاج فاختار حيا أكثر هدوءا،أو ربما ترك البلد وسافر لبلد آخر،قد يكون بلدا خليجيا حتى يحصل على المال،أو عبر البحر لأوروبا بحثا عن حياة جديدة،أو المحيط هربا من عالم قديم.
في الشارع مباراة دائمة بين بائع ومشتر،يتفاوضان حول السعر يستخدم كل منهم مهاراته للفوز،قد تنتهي المباراة دون تحقيق أي منهما لنقاط المكسب ويفترقان،أو تنتهي بتحقيق انتصار لكليهما بينما يعتقد كل طرف أنه الفائز، في الشارع أطفال يعملون،يحملون البضائع أجبرتهم الحياة على حملها وحمل أوزار لم يتسببوا فيها،أرواحهم مثقلة بهموم مبكرة ومعارك لا يُفترض أن يدخلوها قبل الأوان،يحاولون اثبات الوجود وسط أسواق لن ترحم الضعيف منهم، بصوت عال يصدرونه،أو مشاغبة مع الكبار تعطيهم شهادة وجود.
في الشارع رجال ونساء متشابكي الأيدي أحيانا متشاجرين أحيانا أخرى،علاقات حب قد تدرك بنظرتك أنها مؤقتة أو عابرة،ولكن من يعيشونها لا يرون نظرات الآخرين،ولا يدركون ما يمكن أن يفعله الزمان،فهم يعيشون الزمن كأنه كائن ثابت الخطى منتظم الحركة،صديق أليف يساعد البشر لا يحمل لهم ما يمكن أن يغير توقعاتهم،يعيشون تلك اللحظة التي ستصبح ذكرى مرتبطة بمقهى أو سينما أو مطعم،تمنح شعورا بالحنين.
الشارع الخالي قد يبدو ممتعا للبعض فهو يمنحك الشعور بامتلاكه، ها أنت وحدك افعل ما تشاء دون مزاحمة،تأمل وتوقف وتحرك بحرية،ولكنه أيضا يمنحك شعورا بوحدة قد هربت و تركتها في المنزل،لتصبح وحيدا في عالم أكبر،فسيح دون بشر،جميل دون حياة،الشوارع للبشر وبهم تكون.
"الناس يعبدون القوة..حتى ضحاياها
نجيب محفوظ
أولاد حارتنا
، تبدو عبارة نجيب محفوظ مفتاحا لفهم وجود شعبية كبيرة للرئيس الروسي بوتين لدى المصريين والعرب فعلى الرغم من قسوة الحرب ووحشيتها، الا أن هناك جمهورا يستمتع بتشجيع ومساندة بوتين في حربه ضد أوكرانيا الضعيفة، يبرر البعض ذلك بكراهيته لأمريكا والغرب واعجابهم ببوتين القوي الذي استطاع أن يهدد حلف الناتو ويفرض عليه قراره، ولكن هناك أبعادا أخرى يمكن رؤيتها، فأغلب مؤيدي بوتين هم مهزومون في حياتهم اليومية، يعيشون في دول لا تمنحهم حقوقهم الأساسية في التعبير والتعليم والرعاية، لذلك فهم يبحثون عن بطل ينتقم من أجلهم، قد يكون ذلك البطل سوبرمان في السينما أو النادي الأهلي الذي ينتصر في كرة القدم، وذلك مفهوم، لكن المشكلة عندما يكون ذلك البطل مجرم وقاتل وديكتاتور يشارك في قتل المدنيين في بلاد مختلفة ومنها دول عربية مثل سوريا ويقمع شعبه ، ولكن لمجرد أن مصالحه متضاربة مع أمريكا فيحوله البعض لبطلهم كما فعلوا من قبل مع هتلر وستالين وبن لادن، الذين كانوا ضد أمريكا ولكنهم أكثر منها اجراما، يًفترض أن يكون العدل هو ما يطالب به المواطن لا القوة، فالقوة يمكن أن تُستخدم معك أو ضدك ولكن من يطلب العدل يحصل على الحق والسلام لا الانتقام
كتاب ربما عليك ان تكلم أحدا للوري جوتليب، أعتقد انه واحد من أمتع وأجمل الكتب التي يمكنك أن تقرأها في مجال علم النفس، على الرغم من حجمه الكبير الا أنك لن تمل منه، فهو ليس مجرد سرد لحكايات مرضى في عيادة نفسية عن طريق معالجة نفسية، ولكنه مزيج بين حياة تلك المعالجة التي تلجأ هي الأخرى لمعالج نفسي، وتفاصيل وحياة المترددين على عيادتها في نقاش وتفاعل حول حياة الانسان ومخاوفه من المرض والموت، وتأثره بماضيه وما كان فيه من مشاكل عائلية وتقدمه في العمر وخوفه من المرض وعلاقاته العاطفية، كل ذلك من خلال بشر من لحم ودم وشعور،متنوعي الأعمار والأعمال والظروف
تأخذنا الكاتبة لحيواتهم تدريجيا لنتعاطف معهم ونغضب منهم ونتفهم مشاعرهم ونبكي على أحزانهم، لا يقدم الكتاب حلولا سحرية ولا عوالم وردية، ولكنه يمنحك أملا في كيفية التعامل مع مشاكلك النفسية التي لن تنتهي ولن تختفي ولكنك قد تصل لطريقة أفضل في التعامل معها والتعبير عنها، فلن يتحول الانسان 180 درجة ويصبح شخصا آخر بل يمكنه أن يتغير قليلا ويتفاعل أكثر ويصل لرؤية أوضح عن مشاكله النفسية.
يربط الكتاب بين ثلاث عوالم مثيرة للاهتمام، المجتمع الأمريكي بمميزاته ومشاكله من ضغوط مختلفة وعنف أسري وادمان للكحوليات، عالم العلاج النفسي وتفاصيله من علاقة المعالجين ببعضهم البعض، واحتياجهم هم أنفسهم للعلاج النفسي أحيانا ونظرتهم للمترددين عليهم والألعاب الذهنية التي تتم بين فردين في غرفة مغلقة من أجل الوصول للحقيقة، وعالم هوليوود التي عملت بها الكاتبة ويعمل بها أحد المترددين على العيادة وما يتطلبه من عمل شاق ومنافسة حادة قد تؤثر على الحياة الشخصية للعاملين بها وهو ما تخفيه الصورة والبراقة لمن يظهرون كأنهم يعيشون في سعادة دائمة.
تدمج الكاتبة كل تلك العوامل بأسلوب أقرب للرواية في تشويقه وحبكاته وايقاعه المدروس واهتمامه بتشريح الشخصيات داخليا ووصفها والاحساس بمشاعرها، وصراحتها في تناول حياتها الشخصية بتقلباتها ومغالطاتها.
"ربما عليك أن تكلم أحدا" كتاب يستحق القراءة من كل مهتم بالعلاج النفسي والنفس البشرية والعلاقات الانسانية بعيدا عن الكليشيهات النظرية وكتب التنمية البشرية المزيفة