2/25/2022

في الشوارع ..حياة

 المشي هو حياة ،هو الحركة في مقابل الثبات هو الصوت في مقابل السكون، المشي في الشوارع هو اللقاء بأماكن متجددة بحيوات أخرى، من خلال سماع الأصوات ومشاهدة الوجوه والأجساد، وأيضا تأمل الأمكنة،  التي تدفعك للسؤال والخيال،من كان يعيش في تلك البناية منذ سنوات بعيدة،هل لا يزال أولاده يعيشون فيها،هل تركها وترقى اجتماعيا فذهب لحي أكثر ثراء،أم أنه سئم من الازعاج فاختار حيا أكثر هدوءا،أو ربما ترك البلد وسافر لبلد آخر،قد يكون بلدا خليجيا حتى يحصل على المال،أو عبر البحر لأوروبا بحثا عن حياة جديدة،أو المحيط هربا من عالم قديم.

في الشارع مباراة دائمة بين بائع ومشتر،يتفاوضان حول السعر يستخدم كل منهم مهاراته للفوز،قد تنتهي المباراة دون تحقيق أي منهما لنقاط المكسب ويفترقان،أو تنتهي بتحقيق انتصار لكليهما بينما يعتقد كل طرف أنه الفائز، في الشارع أطفال يعملون،يحملون البضائع أجبرتهم الحياة على حملها وحمل أوزار لم يتسببوا فيها،أرواحهم مثقلة بهموم مبكرة ومعارك لا يُفترض أن يدخلوها قبل الأوان،يحاولون اثبات الوجود وسط أسواق لن ترحم الضعيف منهم، بصوت عال يصدرونه،أو مشاغبة مع الكبار تعطيهم شهادة وجود.

في الشارع رجال ونساء متشابكي الأيدي أحيانا متشاجرين أحيانا أخرى،علاقات حب قد تدرك بنظرتك أنها مؤقتة أو عابرة،ولكن من يعيشونها لا يرون نظرات الآخرين،ولا يدركون ما يمكن أن يفعله الزمان،فهم يعيشون الزمن كأنه كائن ثابت الخطى منتظم الحركة،صديق أليف يساعد البشر لا يحمل لهم ما يمكن أن يغير توقعاتهم،يعيشون تلك اللحظة التي ستصبح ذكرى مرتبطة بمقهى أو سينما أو مطعم،تمنح شعورا بالحنين.

الشارع الخالي قد يبدو ممتعا للبعض فهو يمنحك الشعور بامتلاكه، ها أنت وحدك افعل ما تشاء دون مزاحمة،تأمل وتوقف وتحرك بحرية،ولكنه أيضا يمنحك شعورا بوحدة قد هربت و تركتها في المنزل،لتصبح وحيدا في عالم أكبر،فسيح دون بشر،جميل دون حياة،الشوارع للبشر وبهم تكون.


2/24/2022

تفسير نجيب محفوظ لشعبية بوتين

 "الناس يعبدون القوة..حتى ضحاياها

نجيب محفوظ

أولاد حارتنا

، تبدو عبارة نجيب محفوظ مفتاحا لفهم وجود شعبية كبيرة للرئيس الروسي بوتين لدى المصريين والعرب فعلى الرغم من قسوة الحرب ووحشيتها، الا أن هناك جمهورا يستمتع بتشجيع ومساندة بوتين في حربه ضد أوكرانيا الضعيفة، يبرر البعض ذلك بكراهيته لأمريكا والغرب واعجابهم ببوتين القوي الذي استطاع أن يهدد حلف الناتو ويفرض عليه قراره، ولكن هناك أبعادا أخرى يمكن رؤيتها، فأغلب مؤيدي بوتين هم مهزومون في حياتهم اليومية، يعيشون في دول لا تمنحهم حقوقهم الأساسية في التعبير والتعليم والرعاية، لذلك فهم يبحثون عن بطل ينتقم من أجلهم، قد يكون ذلك البطل سوبرمان في السينما أو النادي الأهلي الذي ينتصر في كرة القدم، وذلك مفهوم، لكن المشكلة عندما يكون ذلك البطل مجرم وقاتل وديكتاتور يشارك في قتل المدنيين في بلاد مختلفة ومنها دول عربية مثل سوريا ويقمع شعبه ، ولكن لمجرد أن مصالحه متضاربة مع أمريكا فيحوله البعض لبطلهم كما فعلوا من قبل مع هتلر وستالين وبن لادن، الذين كانوا ضد أمريكا ولكنهم أكثر منها اجراما، يًفترض أن يكون العدل هو ما يطالب به المواطن لا القوة، فالقوة يمكن أن تُستخدم معك أو ضدك ولكن من يطلب العدل  يحصل على الحق والسلام لا الانتقام

2/20/2022

أنا ومارادونا في الاسكندرية


صيف 1986 وفي احدى فنادق القوات المسلحة في الاسكندرية،كنا نقضي اجازة الصيف،وكان هذا موعد أول كأس عالم لكرة قدم أشاهده،بعد منتصف الليل نهبط الى قاعة عرض يبدو أنها كانت مخصصة لعرض الأفلام في الفندق،أنا وأبي ومجموعة من أقاربنا لنشاهد المباريات التي كانت تُتقل في وقت متأخر بسبب فارق التوقيت بيينا وبين المكسيك،أتذكر حماسي لمنتخب المغرب وانتصاراته في الدور الأول واعجابي بنجومه عزيز بودرباله وبادو الزاكي والتيمومي،وحزني عند خروجهم من دور ال 16 بهدف في الدقائق الأخيرة،أما ساحر البطولة وعنوانها فهو مارادونا الذي أبهر العالم بمهاراته أولا ثم أثار الجدل بين مشجعي الكرة في العالم -قبل أن تظهر مواقع التواصل- بهدفيه في منتخب انجلترا ،نظرا للمهارة الفائقة في الهدف الثاني الذي أصبح مرجعا معتمدا، يتم الرجوع اليه عند احراز أي لاعب لهدف بعد مراوغة عدد كبير من المنافسين فتتم تسميته بهدف مارادوني، أما الهدف الأول فقد ظل لفترة طويلة موضع جدل (بايده ولا براسه) وهو الجدل الذي وثقه الكاتب علي سالم في فيلم (4 في مهمة رسمية) عندما جعل هذا النقاش مدخلا لتدخل البطل الموظف أنور (أحمد زكي) في النقاش الدائر بين موظف آخر يعطل العمل ومواطن بخصوص صحة الهدف، لينفعل عليه أنور قائلا أنه حمار وأن الهدف صحيح ، ثم يعود في اليوم التالي متملقا ايه ويخبره أن السفير الأرجنتيني شخصيا أقر بصحة كلام الموظف وأن الهدف بيد مارادونا، وزاد مارادونا من هذا الجدل بتصريحه بأنه لو كانت هناك يد أحرزت الهدف فهي يد الله، وهو التصريح الذي بدا صادما لأغلب المصريين بأن يقوم لاعب باستدعاء الله لمباراة كرة قدم وفي جدل بخصوص هدف تم احرازه بالغش، كذلك كان مارادونا بطلا لأحد أطرف المواقف الكروية عندما سقطت الراية الخاصة بالعصاالركنية ثم طلب مساعد الحكم من مارادونا أن يقوم بوضعها، فاستغرب مارادونا من الطلب ثم قام بوضعها بشكل عشوائي فوق العصا، ليطلب منه المساعد ادخال الراية في العصا ليضرب مارادونا كفا بكف ويقوم بادخالها،ولا يكتمل هذا المشهد الا بسماع المعلق الرائع (ميمي الشربيني) وهو يضحك ويستغرب ويتكلم بلسان مارادونا قائلا للمساعد "الراجل جاي يلعب كورة ماله هو ومال الشغلانة دي"،تلك البطولة التي كانت انطلاقة أيضا لميمي الشربيني الذي أصبح من علامات مصر في التعليق،وفي المباراة النهائية ورغم قوة وعناد الفريق الألماني الا أنني كان لدي يقين بأن الفريق الذي لديه مارادونا ومعاونيه بوروتشاجا وفالدانو لن يستطيع أحد الوقوف في طريقه، ليصنع مارادونا هدف الفوز الثالث في الدقائق الأخيرة ويمنح كل محبي الكرة نهاية سعيدة، ويمنحني سعادة وحبا لكرة القدم لا يمحوهما الزمن.

2/18/2022

ربما عليك أن تكلم أحدا ..جمال الغوص في مخاوف النفس البشرية

 كتاب ربما عليك ان تكلم أحدا للوري جوتليب، أعتقد انه واحد من أمتع وأجمل  الكتب التي يمكنك أن تقرأها في مجال علم النفس، على الرغم من حجمه الكبير الا أنك  لن تمل منه، فهو ليس مجرد سرد لحكايات مرضى في عيادة نفسية عن طريق معالجة نفسية، ولكنه مزيج بين حياة تلك المعالجة التي تلجأ هي الأخرى لمعالج نفسي، وتفاصيل وحياة المترددين على عيادتها في نقاش وتفاعل حول حياة الانسان ومخاوفه من المرض والموت، وتأثره بماضيه وما كان فيه من مشاكل عائلية وتقدمه في العمر وخوفه من المرض وعلاقاته العاطفية، كل ذلك من خلال بشر من لحم ودم وشعور،متنوعي الأعمار والأعمال والظروف

 تأخذنا الكاتبة لحيواتهم تدريجيا لنتعاطف معهم ونغضب منهم ونتفهم مشاعرهم ونبكي على أحزانهم، لا يقدم الكتاب حلولا سحرية ولا عوالم وردية، ولكنه يمنحك أملا في كيفية التعامل مع مشاكلك النفسية التي لن تنتهي ولن تختفي ولكنك قد تصل لطريقة أفضل في التعامل معها والتعبير عنها، فلن يتحول الانسان 180 درجة ويصبح شخصا آخر بل يمكنه أن يتغير قليلا ويتفاعل أكثر ويصل لرؤية أوضح عن مشاكله النفسية.

يربط الكتاب بين ثلاث عوالم مثيرة للاهتمام، المجتمع الأمريكي بمميزاته ومشاكله من ضغوط مختلفة وعنف أسري وادمان للكحوليات، عالم العلاج النفسي  وتفاصيله من علاقة المعالجين ببعضهم البعض، واحتياجهم هم أنفسهم للعلاج النفسي أحيانا ونظرتهم للمترددين عليهم والألعاب الذهنية التي تتم بين فردين في غرفة مغلقة من أجل الوصول للحقيقة، وعالم هوليوود التي عملت بها الكاتبة ويعمل بها أحد المترددين على العيادة وما يتطلبه من عمل شاق ومنافسة حادة قد تؤثر على الحياة الشخصية للعاملين بها وهو ما تخفيه الصورة والبراقة لمن يظهرون كأنهم يعيشون في سعادة دائمة.

تدمج الكاتبة كل تلك العوامل بأسلوب أقرب للرواية في تشويقه وحبكاته وايقاعه المدروس واهتمامه بتشريح الشخصيات داخليا ووصفها والاحساس بمشاعرها، وصراحتها في تناول حياتها الشخصية بتقلباتها ومغالطاتها.

"ربما عليك أن تكلم أحدا" كتاب يستحق القراءة من كل مهتم بالعلاج النفسي والنفس البشرية والعلاقات الانسانية بعيدا عن الكليشيهات النظرية وكتب التنمية البشرية المزيفة

2/17/2022

مصر بتساهم في الحرب الأهلية الاثيوبية .. الله ينور!

"في تقارير بتتكلم عن ان مصر ساهمت في تأجيج الحرب الاهلية اللي اثيوبيا داخلها فيها، وانها عملت ده عن طريق تسليح المعارضين، بمباركه من ترامب اللي دعم الموقف المصري في ملف سد النهضة، مره لما وقف المساعدات المالية لاديس ابابا، ومره لما صرح ان مصر مش حتسكت والسد ممكن تفجره. عموما (لو فرضنا) ان الكلام ده صح فده في حد ذاتها مش حل للأزمة، انت بس شوطت الكوره بعيد وكسبت وقت، لكن كده كده السد بقى حقيقة واتنفذ منه اكتر من 60% خلاص، وعاجلا او اجلا الحرب هتخلص وحنرجع تاني لنفس المربع. لكن "لو" ده كان بيتم في إطار سياسة لوي الدراع، وانت عندك قدره فعلا تلمها بعد كده ولو نسبيا، بمنطق "سيب وانا اسيب" وخلينا نقعد نتفق اتفاق عادل ومريح للجميع، فيبقى الله ينور يا رجاله."  
الكلام ده كتبه صحفي مشهور المفروض انه معارض وليبرالي وليه عشرات الالاف من المتابعين، بغض النظر عن صحة الفرضية فاحنا قدام كذا مشكلة في آخر فقرة  
أولا هو معندوش اننا نشعلل حرب أهلية هيموت فيها مدنيين علشان مصلحتنا ، ممكن يقول ان السياسة مفيهاش مباديء انسانية واللي تغلب به العب به، تمام بس ساعتها يبقى زيك زي دول الاحتلال اللي بتقتل أبرياء علشان مصالحها وزي الجماعات الارهابية اللي بتقتل مدنيين علشان تحقق مصالحها،ولو حد مثلا يشعل حرب طائفية في مصر علشان مصالحه المفروض مش هارفض الموضوع بدافع أخلاقي ومأقولش دي مؤامرة خسيسة وتمويل خارجي وأتقبله كلعبة سياسة وبس ،وطبعا موضوع الغاية تبرر الوسيلة معروف ممكن يوصل بينا لحد فين في تبرير أي جرائم من ضرب الشعب بالكيماوي وصولا للمذابح الجماعية
. -  ثانيا الموضوع لا يخلو من عنصرية ،ماعتقدش انه ده هيكون نفس رأيه لو شعللنا حرب أهلية في سوريا أو لبنان أو العراق أو فرنسا،ساعتها هيبقى دول أبرياء ملهمش ذنب وشكلهم يقطع القلب وهما بيموتوا بعض ، لكن أثيوبيا عادي دول أفارقة وأصلا بيموتوا   ، ،بعض فمجاتش علينا احنا.
لأن طبعا الانسان الافريقي الأسمر ده درجة تانية أو تالتة بعدينا وكلنا بعد الانسان الأبيض
 
أما ثالثا وهوده اللي حصل، ايه هيبقى موقفنا لما نفشل في اسقاط النظام الأثيوبي ويكتشف الشعب هناك اننا كنا بندعم حرب أهلية عندهم علشان يقتلوا بعض ، طبعا هيكون فيه كراهية ضدنا وضد مصالحنا ، وساعتها هنسأل ليه بيكرهونا ده احنا طيبين

 #الله_ينور_يا_رجالة

2/14/2022

مسلسلات رمضان..يا سلاموني الكلب


في اطار المعركة بين اليمين واليسار في السبعينات والتمانينات واللي وصلت طبعا للسينما، كان من أشهر أطرافها المخرج حسام الدين مصطفى كاوبوي السينما المصرية كممثل لليمين واللي وصف سينما الواقعية الجديدة في التمانينات بسينما الصراصير، وعلى الجانب الآخر مجموعة من المخرجين والنقاد منهم سامي السلاموني اليساري اللي كان بينتقد أفلام حسام بشدة بأسلوبه الساخر، فتوصل حسام الدين للفكرة المشهورة وهي تسمية الشرير في الفيلم باسم سلاموني بحيث انه ينتقم منه بانه يتضرب ويتشتم في الفيلم.
القصة اللي أصبحت من نوادر التاريخ رجعت مع مسلسلات رمضان"سنرجي" الوطنية اللي بتنتجها المخابرات واللي ماكتفتش بفكرة الترويج لرواية الأمن واعادة كتابةللتاريخ والسياسة ع المزاج بل تطورت لانها تتكلم عن شخصيات بعينها سواء في الاخوان أو المعارضين، وصولا لتجسيد شخصية يسري فودة في القاهرة-كابول، وطبعا هتلاقي حد من صناع المسلسل هيقولك بسماجة وافتراض سذاجة، مين اللي قال انه يسري فودة ده احنا بنقدم دراما بمنطق "أحمس"، بينما المشاهد والممثل والمؤلف والظابط صاحب الفكرة عارفين انه الشخصية دي هي يسري فودة،
اذا كان حسام الدين مصطفى كان هايف ومنفسن في اللي عمله فهو في الآخر كان مخرج لأفلام سينما من انتاج قطاع خاص يعمل بفلوسه اللي هو عايزه حتى لو كان على طريقة الاذاعات الأهلية اللي كانت بتردح وتلقح على بعض، لكن انه الاجهزة الأمنية تصفي حساباتها مع أشخاص بصرف الملايين من أموال الشعب وباستخدام فنانين وكتاب كمجندين علشان يلقحوا على مواطنين لا يزالوا على قيد الحياة فده شيء في رداءة فيلم "العفاريت" وعلى طريقة الكتعة