2/08/2022

من يبايعني على الموت.. من أجل صلاة التراويح

 ال الانفعال” تعبير ذكره أحمد خالد توفيق في أحد مقالاته نقلا عن الكاتب محمد حسنين هيكل وهو يصف المبالغة في الهجوم على رواية “وليمة لأعشاب البحر” ، الرواية التي هاجمها التيار الاسلامي في مصر بمظاهرات ومقالات في جريدة “الشعب” أشهرها مقال للكاتب محمد عباس بعنوان “من يبايعني على الموت”، يبدو تعبير “هيكل” منطبقا بشدة اليوم على ما تقوم به تيارات الاسلام السياسي وأدواتها الاعلامية من “تسخين” للمصريين بسبب اغلاق المساجد ، وما تلاه من منع لصلوات الجمعة والجماعة، ويزداد هذا الافتعال مع قدوم شهر رمضان وصلاة التراويح لتبدأ تلك الجماعات في تبني خطاب يردد عبارات يتهم بها النظام الحاكم بأنه ضد شعائر الاسلام وأنه قد اتخذ من الكورونا فرصة لاغلاق المساجد ، مع مقارنات بتصوير المسلسلات وتزاحم الناس في المواصلات العامة ، وهو اتهام غير حقيقي فالنظام الحاكم لا يريد غلق المساجد ولكنه يريد السيطرة عليها ، وهو ما تحقق بشكل كبير وأعطى للنظام فرصة أن يقوم هو الآخر باستغلال الدين من أجل مصلحته السياسية ، بل وقام النظام ببناء العديد من المساجد الجديدة والضخمة كمسجد “الفتاح العليم” في العاصمة الادارية الجديدة ، وهو ما يؤكد أن النظام ليس عدوا للاسلام ولكنه يريد فرض نسخته الخاصة من الاسلام التي تضمن له استقرار الحكم وهو نفس ما قامت به جماعات الاسلام السياسي ، فالمعركة واحدة وهي استغلال كل طرف للدين من أجل مصلحته وتكفير الطرف الآخر واعلان خروجه عن “الاسلام الصحيح ” بالطبع هناك مصريون مسلمون يشعرون بالحزن لاغلاق المساجد ولكن أغلبهم يعرف أن هذا الاغلاق متعلق بوباء خارج عن ارادة الجميع وهم يتمنون انتهاءه من أجل العودة للحياة الطبيعية بما فيها من مقاهي ومساجد ومطاعم ، ولكن جماعات الاسلام السياسي تلعب على وتر الدين وعلى نغمة الاضطهاد المحببة لدى كثير من المسلمين لتحقق انتصارا سياسيا تحت عنوان نصرة الاسلام .كان من الأجدى أن تقوم تلك الجماعات بدورها كمعارضة سياسية تنتقد الأخطاء والأضرار التي ألمت بالناس جراء التعامل الحكومي في هذه الأزمة والذي أصاب أحيانا وأخطأ أحيانا ، ولكنهم فضلوا اللجوء الى السلاح السهل والرخيص والمفتعل “انهم يحاربون الاسلام” .

2/07/2022

مواسم الكراهية في عصر الكورونا

كا ن الاعتقاد السائد أنه عندما تواجه البشرية خطرا داهما سوف ينسى البشر خلافاتهم ولو مؤقتا وسوف يقفون  جنبا الى جنب من أجل حماية الجنس البشري ، ولكن مع تصاعد خطر جائحة الكورونا بدا أن العكس قد حدث ، فلقد أظهرت العديد من الدول والكثير من البشر قدرا من الكراهية والانتقام مستغلين كورونا كوسيلة لتصفية الحسابات مع الأعداء والمختلفين معهم .

باعتبار أن بداية الفيروس جاءت من الصين ، فلقد اعتبرها الرئيس الأمريكي فرصة للانتقام من الصين التي طالما اعتبرها عدوا للولايات المتحدة ، ليصف فيروس كورونا بالفيروس الصيني وهو ما رفضته الصين معتبرة أن ذلك يعتبر بمثابة وصم للصين والصينيين ،وقد جاء ذلك ردا على قيام متحدث باسم الخارجية الصينية بتوجيه الاتهام والتساؤل عن كون الجيش الأمريكي هومن أدخل السلالة الجديدة للفيروس الى الصين .

وبينما اتهم مرشد الثورة الايرانية خامنئي أمريكا باحتمال تورطها في صنع الفيروس أو قيامها بارسال  دواء يؤدي الى تفشي الفيروس وليس علاجه ، عرضت الولايات المتحدة ارسال مساعدة طبية لايران ولكنها في الوقت نفسه رفضت رفع العقوبات الاقتصادية عن طهران ،وبينما تتهم ايران الولايات المتحدة فلقد تم اتهامها من قبل خصمها السياسي الأكبر في المنطقة السعودية التي اتهمتها من خلال مجلس الوزراء السعودي بنشر الفيروس وذلك بسبب ادخالها لمواطنين سعوديين دون ختم جوازتهم وهو ما اعتبرته السعودية  خطرا صحيا ومسئولية ايرانية عن انتشار الفيروس ، كذلك لم تكتف السعودية بما أصاب أسواق العالم من انهيار بسبب الكورونا فقررت القيام بالقضاء على خصومها في انتاج البترول واخراجهم من السوق وذلك عن طريق زيادة انتاجها بشكل مفرط من البترول لتصيب أسواق المال في العالم بصدمة اضافية .

أما الخصومة السياسية القائمة بين النظام المصري والنظامين القطري والتركي فان تلك الأنظمة لم تفوت الفرصة في الاستفادة من الكورونا لتحقيق انتصارات والحاق الضرر بالخصوم ،فقبل الاعلان عن حالات مصابة في تركيا يعلن أحد الاعلاميين المصريين المقربين من النظام بوجود عشرات الحالات في تركيا وأنها قد أصبحت مقبرة السائحين وأنها تخفي أعداد المصايبن وأنها ستصبح الدولة رقم 2 في عدد الحالات بعد الصين ،بينما كانت المواقع والقنوات التابعة لقطر وسيلة لنشر الشائعات حول عدد الحالات في مصر غير مستندة لأرقام حقيقية أو موثقة ، كما عملت على استجداء المشاعر الدينية ضد القرارات المتخذة بايقاف صلوات الجماعة في مصر والتلميح الى أنها حرب من الحكومة ضد الشعائر الدينية والمتدينيين .

فلنقتلهم بالكورونا

كذلك اعتبر العديد من المواطنين العرب أخبار تفشي كورونا في اسرائيل بالاخبار السعيدة ، ويبدي الكثير منهم على مواقع التواصل الاجتماعي سعادته وسخريته من اصابة ووفاة الاسرائليين ويمطرونه بالدعوات المتمنية المزيد ، وكأن كورونا هو سلاح للمقاومة بديل لحالة العجز العربي في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي ، كذلك كانت هناك نبرات شماتة  وسخرية بسبب اصابة عدد كبير من الأوروبيين بالفيروس والتشفي عن طريق انعكاس الوضع بأن يصبح الأوروبي هو من يتمنى اللجوء الى افريقيا والدول العربية عن طريق تلفيق خبر عن الامساك بقارب هجرة غير شرعية في مصر قادم من ايطاليا ، زكذلك كانت الفرصة سانحة لأصحاب التوجهات العنصرية ضد الصينيين لاشاعة معلومة غير صحيحة عن انتشار الكورونا بسبب أكل الصينيين للخفاش ووصلت العنصرية  لانزال مواطن صيني من قبل السائق وتعرضه للتنمر .

واستمرت المعارك القائمة بين أتباع الأديان المختلفة على مواقع التواصل فيمكنك مشاهدة التعليقات الساخرة من العقيدة المسيحية ردا على خبر دعوة البابا في مصر لاقامة صلاة جماعية من أجل تدخل الله وحفظ البلاد والعالم من كورونا ، وكذلك اشتعلت المعارك بين العلمانيين والمتدينيين في مصر وبخاصة  الجدل الذي كان قائما حول اقامة صلاة الجمعة ، فهناك من تمنى اغلاق المساجد على هؤلاء المتدينيين ليصابوا بالعدوى وحدهم دون ايذاء باقي المجتمع واعتبروهم السبب في انتشار الفيروس ، وفي المقابل اتهم المتدينون العلمانيين بأنهم كارهين للصلاة وللدين ومنهم من اعتبر الفيروس فرصة للدعاية للنقاب وعدم الاختلاط ومن اعتبره عقابا الهيا بسبب كثرة المعاصي ، كذلك وجد بعض كارهي الراسمالية كورونا فرصة للتبشير بنهاية الراسمالية والفرحة بهزيمتها .

لم تقتصر معارك كورونا على القضايا الكبرى بل واصل الكثيرون اعتبارها سلاحا للانتصار في المعارك الصغيرة ، فبين ناشطة نسوية نعنبر بقاء الرجال في المنزل بسبب كورونا بمثابة فرصة لاجبارهم على القيام بنصيبهم من أعمال المنزل ، وبين رئيس نادي كروي يرى أن تأجيل الدوري عقاب من الله ، وجاء خبر قيام بعض الأفراد بعمل مسيرة في الاسكندرية بسبب الفيروس بمثابة فرصة لتصفية الحسابات ، فاعتبر مؤيدي النظام في مصر هذه المسيرة مؤامرة اخوانية للاخلال باستقرار الدولة ، واعتبرها   بعض أصحاب شعار “التنوير” مؤامرة سلفية ، واحتفى بها اعلام الاخوان باعتبارها اثباتا للهوية الاسلامية ومعارضة للنظام ، واعتبرتها وسائل التواصل الاجتماعي فرصة للسخرية والانتقام من الاسكندرانية الذين يقومون بالسخرية من “الفلاحين ” ، لم ينظر أحد للخوف الانساني الذي قد يكون الدافع الأكبر لاحتياج الانسان لأن يهتف الله أكبر وأن يحس بتواجده ضمن مجموعة تحسسه بالأمان في مواجهة الوباء ، وهو مشهد مشابه لمشهد النهاية في فيلم “النوم في العسل ” عندما خرج الناس في مظاهرة ليقولوا آآه .

أضواء في ظلام مواسم الانتقام

بالطبع لم تتحول البشرية بالكامل لأدوات انتقام في مواجهة جائحة كورونا  فهناك الكثير من المواقف المضيئة التي تحمل الأمل وسط المأساة ، فممثل قنصلية ايطاليا في مصر يشكر مستشفى اسنا في صعيد مصر  لانقاذهم حياة 10 سائحين ايطاليين فوق ال 70 عاما ورعايتهم كالمصريين ، وهناك مطاعم مصرية فتحت أبوابها مجانا للمحتاجين ، وأصحاب مطاعم شعبية تبرعوا بالملايين ،وجددت الصومال التأشيرة ل7 ايطاليين ليستمر وجودهم في الصومال خوفا من تفشي الوباء في ايطاليا ،كذلك قامت دولة الكويت بتخطي الخلافات السياسية وقدمت 10 ملايين دولار كمساعدة انسانية لايران واستنكرت العقوبات الاقتصادية الموقعة عليها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية .

نعم استمرت الكثير من الظواهر السلبية في العالم والمجتمعات مع وجود جائحة الكورونا ، الا أن العالم سوف يحتاج عاجلا أو آجلا لمراجعة الكثير من أفكاره وعيوبه  بعد انتهاء هذه الأزمة ، فخطاب العنصرية وكراهية الآخر لم يحمي مجتمعا بعينه أو عنصرا دون الآخر ، فالكارثة لم تفرق بين ابيض أو أسود أو بين غني وفقير فالعالم احتاج الجميع بكل أجناسه وطبقاته .

لا بد أن تتغير أولويات الانفاق العالمي فثبت أن انفاق الدول لمئات المليارات على السلاح لم يحمي دولة مثل الولايات المتحدة صاحبة أقوى ترسانة عسكرية في العالم ، ولم يحمي دولا عربية كثيفة الاستيراد للسلاح مثل السعودية ومصر ، فلقد احتاجت الشعوب للبنية الصحية والمؤسسات العلمية التي تحصل على نسبة ضئيلة من الموازنات المالية مقارنة بميزانيات السلاح .

كذلك أثبتت الأزمة تراجع منطق ترك الدولة المجال بالكامل للقطاع الخاص المعتمد على الربح الذي لا يمكن الاعتماد عليه وحده في الأزمات ، فلا بد من استمرار دور الدولة في قطاعات مثل الصحة والتعليم   لتستطيع مواجهة الأزمات الكبرى ، وكذلك ستتم اعادة النظر في الرؤى المهتمة بالاقتصاد على حساب أرواح البشر وحياتهم والمستعدة للتضحية بجزء من الشعب حتى يستمر الاقتصاد مزدهرا ، اما أن نستفيد من دروس المحنة واما أن نحولها أن نحولها لموسم جديد من مواسم الكراهية ، فماذا نحن فاعلون ؟


2/05/2022

حكاية كاتب سيناريو أمريكي حصل على جائزتي أوسكار باسم مستعار

 

عندما تقف أمام جهة تحقيق تقوم باستجوابك عن أفكارك ومعتقداتك- أيا ما كانت- هل ترفض أن تتم محاسبتك على أفكارك و وتمتنع عن التعاون حتى لو كان مصيرك السجن كما فعل 10 من كتاب ومخرجي هوليود في خمسينات القرن العشرين استنادا لمبدأ لحرية الاعتقاد الموجود في الدستور الأمريكي،
في شهر سبتمبر عام 1976 توفي الكاتب الأمريكي "دالتون ترامبو" بسرطان الرئة بعد انتصاره في معركته ضد وضعه في القوائم السوداء التي كانت تحظر التعامل مع الكتاب الشيوعيين في أمريكا في إطار "الحرب الباردة" مع الاتحاد السوفيتي والتي بدأت في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
بعد مشوار من العمل في وظائف مختلفة والكتابة في المجلات ثم كتابة الروايات بدأ ترامبو مشواره في الكتابة للسينما لينضم لاستوديوهات وارنر برزرز ويصبح من أبرز كتاب السيناريو في هوليود مع نهاية الثلاثينات، لينضم في بدايات الأربعينات للحزب الشيوعي الأمريكي، ويعبر عن توجهاته في مقالته وأفلامه، وهو ما أدى لتهديده من قبل بعض المتعاطفين مع النازية، وفي ظل حالة البارانويا والتخوين والخوف المرضي من الروس السائدة في أمريكا عام 1946، تصاعدت الاتهامات ضد المتهمين بالشيوعية ليمثل 10 من كتاب ومخرجي هوليود أمام لجنة الكونغرس للأنشطة غير الأمريكية (HUAC ) ليرفضوا التعاون مع اللجنة أو إعطاءها أي معلومات استنادا لمواد الدستور الأمريكي التي تكفل حرية التعبير وحرية الانتماء للمنظمات السياسية.
بعد رفض ترامبو التعاون مع لجنة الكونجرس تمت إدانته بتهمة ازدراء الكونجرس ليقضي 11 شهرا في السجن عام 1950 ثم يخرج ليجد نفسه مدرجا في القوائم السوداء التي وضعها كبار رؤساء الاستوديوهات، فيضطر للعمل في كتابة أفلام ذات إنتاج محدود وجودة فنية متدنية كما اعترف لاحقا حتى يتمكن من الإنفاق على أسرته، ويقوم بتعديل السيناريوهات سرا، ثم كتابة أفلام هوليود الكبيرة بأسماء مستعارة وهو ما نتج عنه حصوله على جائزة الأوسكار لمرتين، الأولى عن سيناريو فيلم Roman Holiday والذي كتبه خلف واجهة اسم كاتب آخر وهو إيان ماكليلان هنتر عام 1953 ،والمرة الثانية عن سيناريو فيلم Brave One عام 1956 والذي كتبه تحت اسم مستعار "روبروت ريتش" وهو ما لفت نظر العاملين في الصناعة أن كاتب الفيلم الحقيقي هو ترامبو، ومع كتابة ملحمتي Exodus و Spartacus أراد "كيرك دوجلاس" الإعلان عن اسم ترامبو ولكن المخرج اوتو بريمنجر هو من أعلن بشكل واضح أن ترامبو هو كاتب فيلمه الحقيقي لتبدأ النهاية الحقيقية للقائمة السوداء، وينتصر ترامبو على كل ما تعرض له من سجن ومحاصرة دون أن يتخلى عن المبادئ التي دفع ثمن تمسكه بها.

2/04/2022

درع البحث العلمي لبوسي شلبي ..الله يا مصر


في يونيو 2021 كان فيه سخرية وتعجب من حصول سوسن بدر وغادة عبد الرازق وبوسي شلبي على دروع جائزة الدكتور صديق عفيفي للبحث العلمي والابتكار والأدب، في حفل أقيم بقصر البارون وحضره مجموعة من الوزراء، ولما قولت أشوف مين دكتور صديق عفيفي لقيت موقع ليه فيه سيرة ذاتية تليق بسوبرمان ، ودي بعض عجائبها

-درع عظماء التربويين من الولايات المتحدة الأمريكية مرتين في عامي 1996 ، 1997 .
-ميدالية التميز من الجمعية الأمريكية للمثقفين العالميين .
-مسجل في الموسوعة القومية للشخصيات المصرية البارزة
-مسجل في الموسوعة الدولية للشخصيات البارزة (1990 – 1991).
-عين أستاذاً فخرياً بالجامعة الدولية في فيينا 2008 .
طبعا التكريمات الدولية مكتوبة بأسماء المؤسسات بالعربي وابقى قابلني لو عرفت ايه هي " الجمعية الأمريكية للمثقفين العالميين" وايه اسمها الأصلي وقيمتها الحقيقية.أو تلاقي الموسوعة القومية والدولية وتعرف ايه هي الشخصيات البارزة
بس بشوية بحث قدرت أوصل ل الجامعة الدولية في فيينا ومعلومات عنها على الويكيبيديا ولقيت انها ماكانتش جامعة معتمدة وغير معترف بيها أغلب الأوقات وتم سحب الاعتراف بيها في 2003، ثم أشهرت افلاسها بحكم محكمة في 2011 ، ثم اشترتها جامعة صربية وفلست برضه في 2013،
فلو كانت دي السيرة الذاتية لرئيس مجلس ادارة مجموعة مدارس طيبة ومجلس أمناء جامعة ميريت الخاصة في مصر ، فلا عجب من انه يدي جايزة البحث العلمي لغادة عبد الرازق وبوسي شلبي في جنة الأونطة مصر

1/23/2022

حكاية نعمات حسن ..ترشحت للانتخابات فقتلها الحزب الوطني

كانت البداية  اهداء في مقدمة كتاب المخرجة عطيات الابنودي "أيام الديموقراطية" للمرشحة البرلمانية الشهيدة "نعمات حسن"،لم أكن قد سمعت بهذا الاسم من قبل ولم  أسمع عن مرشحة برلمانية قُتلت في الانتخابات على مدار تاريخ مصر، قمت بالبحث في شبكة الانترنت فلم تظهر سوى مقالة واحدة على موقع "الحوار المتمدن" للكاتب حسن مدبولي يكتب فيه عن نعمات وظروف ترشحها في انتخابات عام 1984 ومقتلها على يد  عائلة منافسيها مرشحي الحزب الوطني،فكان البديل هو البحث في ارشيف الصحف المصرية في تلك الفترة من شهر مايو 1984 التي شهدت أول انتخابات برلمانية بعد اغتيال السادات وتولي حسني مبارك الحكم، والتي يظهر من خلال صحف تلك الفترة الآمال الكبيرة لدى المعارضة في انتخابات حقيقية ودعوات لتعديل الدستور لعمل انتخابات رئاسية تعددية والغاء منصب المدعي الاشتراكي، ثم خيبة الأمل من ممارسات العنف والبلطجة والتزوير وانحياز أجهزة الاعلام "القومية" للحزب الوطني الحاكم.

ظهر ذلك الانقسام الحاد بين صحف الحكومة والمعارضة في حادث اغتيال نعمات حسن،فبينما أبرزت صحف معارضة مثل الشعب والأحرار والأهالي الحادث وأدانته فيكتب "مصطفى بكري" الصحفي الشاب في "الأهالي" وقتها عن مقتل نعمات على يد ابن عم مرشح
الحزب الوطني،

 أما جريدة الشعب الناطقة باسم حزب العمل الذي كانت تنتمي له نعمات حسن فكان مانشيتها الرئيسي " العار للقتلة"،وتذكر الجريدة بعض المعلومات عن القتيلة، أنها كانت عضوا في الاتحاد الاشتراكي ثم أمينة للمرأة في الحزب الحاكم وأنها رفضت التنازل عن الترشيح، وهو ما يعني أنها لم تكن في الأساس منتمية لحزب العمل الذي كان قد بدأ في التحالف مع جماعة الاخوان المسلمين واتخاذ شعارات اسلامية بجانب شعاراته الاشتراكية الأصلية، ليصنع مزيجا غريبا سيستمر به في ثمانينات وتسعينات القرن العشرين، ويبدو أن نعمات حسن أرادت الاستناد لقوة مكافئة لقوة ونفوذ الحزب الوطني الذي تركته فلجأت لقوة الاسلام السياسي التي كانت جاذبة لقطاع شعبي كبير خاصة في محافظات الصعيد.

تختفي بعد ذلك أخبار اغتيال نعمات حسن في زحام ما بعد الانتخابات من احتفالات الصحف القومية بانتصار الديموقراطية والحزب الوطني واتهامات صحف المعارضة للنظام بسرقة الحلم الديموقراطي، ولكنها تظهربعد عامين في خبر في جريدة "الشعب"تحت عنوان الافراج عن قاتل نعمات،تقول تفاصيله أن القاتل قد شوهد يتجول في شوارع الأقصر نظرا لعدم سريان الحكم انتظارا لتصديق الحاكم العسكري على حكم محكمة أمن الدولة بسجنه 15 عاما

ثم يظهر اسم نعمات حسن ربما للمرة الأخيرة في ذكرى استشهادها ال 15 عام 1999 في احياء حزب العمل لذكراها كشهيدة للديموقراطية التي استمرت أحزاب المعارضة في البحث عنها طيلة تلك السنوات

والسؤال هو .. لماذا غاب ذكر نعمات حسن عن تاريخ السياسة والمرأة المصرية، هل لأنها اخصائية اجتماعية بسيطة من الصعيد الجواني فتم نسيانها لبعدها عن القاهرة المركز الرسمي لمصر،أم لأنها كانت مرشحة حزب العمل المحسوب على الاسلاميين فاعتبرها البعض من المعسكر المعادي للمرأة،أو لأن قاتلها هو ابن عم مرشح الحزب الوطني ، والمناصر له فكان المطلوب هو التعتيم على جريمة من جرائم الحزب الوطني الذي امتد حكمه ل 27 عاما بعد جريمة الاغتيال، أو ربما هو التاريخ الذي يمنح البعض أدوار البطولة ويحول البعض من أبطال لمجهولين لن يعرفهم الا القليلون.


1/21/2022

جمال عبد الناصر زعيم الطلبة وقاتلهم


في عام 1968 عام الثورات الطلابية في مختلف دول العالم وأشهرها حركة الطلاب في فرنسا , وتواكبت معها حركة للطلاب في الولايات المتحدة وايطاليا وصولا لليابان شرقا , لم يكن تأثير هذا الحراك بعيدا عن الطلبة في مصر حيث ساهمت هزيمة 1967 في اهتزاز الصورة التي صدرها نظام عبد الناصر للشعب على مدار سنوات طويلة, ليصل غضب الطلبة المصريين الى ذروته بعد أحكام الطيران الهزلية التي اعتبرها الطلبة والعمال تمثيلية لعدم محاسبة المسئولين الحقيقيين عن الهزيمة.وكانت مظاهرات الطلبة في فبراير 1968 هي بداية لحراك طلابي سوف يستمر لسنوات عديدة ,وكما يروي دكتور أحمد عبد الله رزة في كتابه الطلبة والسياسة في مصر فقد أسفرت هذه المظاهرات التي انطلقت في القاهرة والاسكندرية عن مقتل اثنين من العمال في القاهرة ,كما تم تنظيم اعتصام طلاب في كلية الهندسة بجامعة القاهرةلم ينته الا مع استدعاء أجهزة الأمن لأولياء أمور الطلبة للضغط عليهم وكذلك تقديم الطلبة بمطلبهم لرئيس مجلس الامة , ومع رفض رئيس مجلس الأمة لنشر بيان بمطالب الطلبة في الصحف , كتب الطلبة شعاراتهم على جدران كلية الهندسة " يجب إنهاء حكم المباحث والمخابرات " , " تسقط دولة المباحث " , " تسقط صحافة هيكل الكاذبة " , " لا حياة مع الإرهاب , ولا علم بلا حرية " , " القضية ليست قضية الطيران بل قضية الحريات " .ومانت هتافات المتظاهرين تصل لمعارضة النظام وعبد الناصر بشكل مباشر " تسقط دولة المباحث " , " تسقط دولة العسكريين " ,"هيكل هيكل ياكداب .. بطل كدب يانصاب " , "ياجمال للصبر حدود .. عشرة يونيو مش ح تعود " , " 9 يونيو أيدنالك .. والنهاردة عارضناك " .
وعقب انتفاضة الطلبة قام عبد الناصر بالقاء خطاب في منطقة حلوان مزج فيه بين تقديره لغضب الطلبة من الهزيمة وبين الاتهام المعتاد بوجود عناصر مندسة " أنا بقول أن العملية بدأت عملية تلقائية هنا فى حلوان . وبدأت عملية تلقائية فى الجامعة . لكن بعد كده العملية ما أصبحتش عملية تلقائية .. انا برضة باقول لاخواننا الطلبة فى الجامعة قبل ما تنقاد وراء أى شعار شوف مين إللى بيردد هذا الشعار , ما كل واحد ليه أوضاع طبقية . طبعاً فيه ناس اتاخدت املاكهم وفيه ناس اتاخدت اراضيهم , وفيه ناس اتأممت مصانعهم , ودول أولادهم موجودين فى أوساطنا .. الرجعية اتحركت ازاى ؟ حاولوا استغلال مظاهرات الطلبة , ورفعوا شعارات الحرية والديموقراطية"
وفي نوفمبر 1968 يروي الدكتور هشام السلاموني في دراسته الجيل الذي واجه عبد الناصر والسادات ..دراسة وثائقية للحركة الطلابية 1968-1977, بدات مظاهرات طلاب الثانوي في المنصورة وذلك احتجاجا على قانون التعليم الجديد الذي كان يضع قيودا جديدة على الالتحاق بالجامعة ,وامتدت المظاهرات للمعهد الديني في المنصورة ليصل عدد المتظاهرين الى ألفين, وتتم مواجهة المظاهرة بالرصاص ويسقط اربعة قتلى من المتظاهرين , ليصل الخبر الى طلبة جامعة الاسكندرية عن طريق الطلبة من أبناء المنصورة.
ويروي اللواء مصطفى الحناوي قائد سلاح الطيران عام 1968 للدكتور هشام السلاموني عن أحداث خطيرة حدثت خلال المظاهرات عندما اتصل به الفريق محمد فوزي القائد العام للقوات المسلحة ويدور الحوار التالي
" قال محمد فوزي:
- اللواء مرسي في إسكندرية طلع بالقوات بتاعته عشان يفرق مظاهرات الطلبة ماقدرش، أنا باديك أمر أنك تفرق المظاهرات دي بضرب النار من طائرات الهليوكوبتر .. "الفريق فوزي قال كده وأنا الدم غلي في دماغي ماحسيتش بنفسي.." قلت:
- يانهار أسود .. سيادتك بتقول إيه .. نضرب الطلبة بالرشاشات المثبتة في الهليوكوبتر (تعديل لنا أجريناه في الهليوكوبتر ـ وعاوننا فيه أحمد فهيم الريان) أنت عارف سيادتك النتيجة ح تبقى إيه .. ح تبقى مجزرة .. حتبقى سلخانة ..
الطلقة 37 مللميتر .. مش ح تصيب واحد .. في الزحمة ممكن تصيب عشرة ورا بعض .. دققتين أمشيهم فوق شارع أبو قير وشيط واحد أخلصه (ألف طلقة هي الحد الأدنى) ونبقى محتاجين الجيش الثالث عشان يشيل الجثث .. إحنا جايبين الطيارات نحارب بيها إسرائيل والا نضرب بيها ولادنا.
قال محمد فوزي :
- دي أوامر السيد الرئيس جمال عبد الناصر .. السيد الرئيس بيقول إن مظاهرات الطلبة الغرض منها إسقاطه .. ويطلب منا مساندته."
ليرفض اللواء مصطفى الحناوي تنفيذ الأوامر ويعلن استعداده للمحاكمة العسكرية فقد رأى أنه لن يقوم بالمشاركة في مذبحة تُكتب في التاريخ مثل مذبحة القلعة ومذبحة كوبري عباس , واستشهد اللواء الحناوي باثنين من قادة الطيران ليؤكدا صحة ما قاله لهشام السلاموني , وكان جزاء اللواء الحناوي هو اطاحة عبد الناصر به بعد انتهاء المظاهرات لعدم مساندته.
"الى أبناء الجامعة..
في ذكرى ميلاد الزعيم..
نقدم أقواله الخالدة..
تمجيدا وذكرى.
اتحاد طلاب جامعة القاهرة
15 يناير 1971
هكذا كان الاهداء في مقدمة كتاب "الزعيم" الصادر عن اتحاد طلاب جامعة القاهرة عام 1971,الكتاب الذي يحتوي على مقولات جمال عبد الناصر عن الديموقراطية ,الاشتراكية,الشباب,الوحدة,السلام وعدم الانحياز ,الكتاب الذي يضفي هالة من الزعامة والحكمةعلى الرئيس الراحل , والصادر عن اتحاد الطلاب لا يمكن اتهام من أصدروه بالنفاق فلقد مات الرئيس, ولكن السؤال هو كيف ينسى أو يتناسى الطلبة ماحدث من قمع للحركات الطلابية في عهد عبد الناصر ومواجهة مظاهراتهم بالعنف الذي يصل للقتل , ويصبح الرئيس الراحل "زعيما" نسترشد بمقولاته وكلماته.
"يبقى الشعب لازم يتسلح بالوعي,علشان مينضحكش عليه,علشان يبني الديموقراطية السليمة,علشان يقيم العدالة الاجتماعية,ويقيم الاشتراكية في كل أنحاء البلد"
جمال عبد الناصر ..من كتاب "الزعيم"
قد يكون سبب تمسك بعض الطلبة بعبد الناصر كزعيم هو مشروعه الاشتراكي وسعيه نحو العدالة الاجتماعية , وفي هذه الحالة يقلل المؤيدون من أهمية حقوق الانسان ويبررون جرائم القتل والتعذيب أو يعتبرونها أضرارا جانبية لما هو أهم.ولكنهم يدركون لاحقا أهمية حقوق الانسان ويطالبون بالحرية والديموقراطية عندما يأتي السادات للحكم ويكتشفون أن توجهاته الاقتصادية والاجتماعية مخالفة لتوجهات عبد الناصر .
السبب الآخر هو تحول عبد الناصر بعد وفاته لأسطورة , وهو ما تساهم فيه أجهزة الاعلام وكتاب التاريخ , فكما يشرح هوارد زن في كتابه "التاريخ الشعبي للولايات المتحدة الأمريكية" فان التاريخ تتم كتابته من أعلى ويصبح الحكام أبطالا وأصحاب انجازات , ويتم تجاهل الجرائم التي تمت ضد فئات من الشعب بمباركة وتنفيذ الاجهزة التابعة للرئيس , فيصبح عبد الناصر هو قائد ثورة يوليو وصاحب انجازات التصنيع والسد العالي ويتم تناسي جرائمه ضد المعارضين والعمال والطلبة.
أيضا هناك شعار "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" ففي عام 1971 كانت سيناء لا تزال محتلة , وهو ما قد يدفع بعض الطلبة بأن يقوموا بتقديس الرئيس الراحل وعدم ذكر سلبياته بدعوى أن ذلك سوف يضر بالجبهة الداخلية وسوف ينال من الروح المعنوية للشعب , بينما الحقيقة هي أن التغاضي عن جرائم الزعماء هو ما يقود الأوطان للهزائم والكوارث.

1/15/2022

تناقضات "غاندي" ..منع الملابس الداخلية وصديقي العزيز "هتلر"

 يتم اختزال غاندي دائما في صورة المناضل السلمي الذي نجح في اخراج بريطانيا من الهند ,وأرسى مبادئ التسامح في الهند ومات شهيدا لتلك المباديء ,ولكن في كتاب (ماذا يقول غاندي؟عن اللا عنف والمقاومة والشجاعة) للكاتب نورمان فينكلستاين نري صورة أكبر وأشمل من ذلك تتضمن مواقف غاندي المتناقضة وتشوش أفكاره ومواقفه أحيانا وضعف حجته وبعض أفكاره التي فُهمت بشكل خاطيء .

 يري الكاتب أن تركة غاندي من الأقوال تصل الي 100 مجلد لا يعتمد متتبعي غاندي الا علي مجلد واحد كما رأي في مكتبة بحثية أمريكية , وأن غاندي كان ضد العنف ولكنه كان يكره الجبن أكثر من العنف ويري في اللاعنف شجاعة كبيرة وليست ضعفا أو خوفا ,ويربط الكتاب بين استراتيجية غاندي في اللا عنف وبين مقاومة الفلسطينيين للاحتلال الاسرائيلي وحركات الربيع العربي وحركة احتلوا (وول ستريت) الباحث عن المقاومة والتغيير .


تناقضات العنف والحرب

اعترف غاندي بوحود تناقض في كلامه وأفكاره بل وبررها قائلا "تُهم التناقض لا ينبغي أن تُعار اهتماما.ما يجب أن يعيره خادم الشعب اعتبارا هو موافقة ضميره ذاته" ثم يري غاندي أن تناقضات هي مجرد أمر ظاهري وأن تطبيق مبدأ اللا عنف بشكل كامل هو أمر مستحيل , وبرغم مبدأ اللا عنف فقد جنًد غاندي فيلق اسعاف لصالح بريطانيا في حروب البوير والزولو ,كما جنًد الهنود ليحملوا السلاح الي جانب بريطانيا وأذعن لتعاون جيش الهند مع الحلفاء في الحرب العالمية الثانية اذا منحتها بريطانيا استقلالها,و أجاز استنفار الجيش وتعريض بعض الرجال لاطلاق النار لوقف أعمال الشغب الطائفية في الهند ,ولم يكن تعليل غاندي لتناقض انحيازاته في زمن الحرب مع مذهبه في اللا عنف مقنعا ولم يكن غاندي بشكل عام مجادلا مقنعا في رده علي الانتقادات علي الرغم من عمله كمحام ,ولم تكن الأفعال فقط هي المتناقضة بل كانت أقوال غاندي متناقضة بشكل صارخ فلقد كان يشجب العمليات الطبية الحديثة ثم يؤكد أن الغرب قد نال اعجابه علي ابتكاراته في مجال الجراحة أو يعلن أن العنف غير مبرر حتي في حالة الأخت أو الأم المهددة باعتداء جنسي من خسيس شرير ثم يدافع عن استعمال العنف ضد العالم كله اذا وجدت نفسي محشورا في زاوية لا استطيع فيها انقاذ فتاة عديمة الحيلة من الاغتصاب ,وفي الحرب العالمية الثانية كان يعلن تعاطفه الكامل مع الحلفاء الذين يمثلون الديموقراطية ضد هتلر الذي يمثل الشمولية وأن الفاشية أسوأ من الامبرالية البريطانية ثم يعود ليقول "الهتلرية والتشرشلية  هما في الواقع وجهان لعملة واحدة" ويمتدح قرار الزعماء الفرنسيين بعدم مقاومة العدوان النازي ثم يقول أن الأمم الخاضعة للاحتلال النازي ينبغي أن تختار الابادة علي التعاون مع المحتلين .


ولم تكن تناقضات غاندي هي مشكلته الوحيدة بل كانت هناك أيضا مشكلة اطلاق الأحكام الشاملة بدون علم كأن يطلق غاندي أحكاما وآراء عن الاشتراكية علي الرغم من اعترافه "لم اقرأ أي كتب عن الموضوع" وانه لا يحب السينما رغم قوله "لم أذهب أبدا الي قاعة سينما" وقوله أمام جمهور من نساء الهند "أعرف جنسكن واحتياجاتكن أكثر مما تعرفن أنفسكن" , وأيضا تضارب تصريحاته بين كون مذهبه قائما علي الايمان واعتباره ليس من مسائل العقل وبين اعتباره علما وتجربة يتم التعلم منها ,وبين اعتباره أن (صوت) الله بداخله وهو من يحركه, وبينما يعارض غاندي أي مذهب أو طريقة طائفية بما فيها مذهبه هو شخصيا فلقد كانت تعليماته لا تخلو من الاستبداد والمنع لأشياء كثيرة منها الابتعاد عن ممارسة الجنس وأكل اللحوم والاعتراض علي "النكات الفارغة والساعات اليدوية والملابس الداخلية وأقلام الرصاص واقلام الحبر ليصبح في تعليماته مثل "ستالين" بينما يكمن الفارق بينهما أن من يعارض تعليمات ستالين يذهب الي المعتقل بينما من يعارض تعليمات غاندي قد يُطرد من المعبد.


صديقي العزيز ..هتلر

الساتياغراها عقيدة غاندي تقوم علي رفض العنف وعدم الشعور بالغضب والرفض الايجابي الفعال والقائم علي حب الآخر والايمان بالخير المتأصل في طبيعة البشر ,ووصل اقتناع غاندي لان يبعث برسالة الي هتلر عام 1940 تبدأ بصديقي العزيز ويؤكد له الا تعتقد أنك الوحش الذي يصفه خصومك مع اعترافه في الرسالة بأن "العديد من أفعالك هي وحشية ولا تليق بالكرامة الانسانية" , وينتقد غاندي ممارسة العنف "العنف قد يحطم حاكما سيئا أو أكثر, لكن..سيقفز آخرون ليحلوا محله" ولكن برغم رفض غاندي للعنف الا انه يعترف بمشروعية اللجوء اليه من أجل الدفاع عن النفس .

ويرفض غاندي الخنوع الأخرس ويعتبر الجبن أرذل الرذائل والجبن عجز أسوأ من العنف وأنه عندما لا يكون هناك خيار الا بين الجبن والعنف فانه ينصح بالعنف وأنه للاحجام عن ممارسة العنف مرتبط بأن تكون هناك قدرة علي ايقاع العقاب , ويعتبر غاندي أن أكبر شجاعة هي امتلاك شجاعة الاقدام علي الموت ويدعو أتباعه لصلاة "فلتنزل الخيرات علي من يقتلني"ويقول غاندي أنه يبتهج عند وفاة أحد أتباعه ضحية لأحداث عنف وأن لا أحدا يموت قبل أجله وينتقد الكتاب هذه الفكرة واعتبار قتل المرء مجرد أمر جانبي بينما ينادي غاندي بقدسية اللا عنف وأن الموت العنيف لأحد أتباع غاندي يستوجب الحزن وليس الابتهاج.


حائر بين الرأسمالية واليسار 

يقدم غاندي نفسه علي أنه صوت الفقراء والعائش من أجل تخفيف معاناتهم وهو يشاركهم بتقشفه وسفره في الدرجة الثالثة من القطار والعمل علي محو الفقر والبطالة من الهند ويصل الي اعتبار "كل من يملك أكثر من الحد الأدني الضروري له فهو بالنسبة لي مذنب بالسرقة" وأنه لص أفلت من عقوبة القانون ومع ذلك رفض غاندي مطالب اليسار الهندي بمصادرة أملاك ذوي الأملاك الكبري وتأميم وسائل الانتاج ورأي أن المقاومة اللا عنيفة ستغوي الطبقة المالكة لاستعمال فائض الثروة لتحسين أوضاع المجتمع وأن هناك مجال للتوفيق بين الرأسماليين والملاك وبين الجماهير وانتقد البعض غاندي واعتبروا أن الدعم الذي يحصل عليه من أثرياء الهند يحول ضد الاصلاح الجذري , ليجيب غاندي أنه فخور بكون الرأسماليين أصدقائه ولكنه يواجههم بنجاح وبقوة عندما يري ثمة حاجة لذلك , ويري غاندي أن النضال ضد الأغنياء يأتي بقدر من المحبة والاحترام والأدب وأن يوقظ عن طريق المعاناة شعورهم بالواجب واذابة قلوبهم  , وفي نفس الوقت يحض غاندي الطبقة العاملة علي التنظيم وأن تدرك قوتها وأن تعرف حقوقها وأن تطالب بها وأن يقولوا لا ويحذر الأغنياء انهم اذا لم يتخلوا طوعا عن مكاسبهم فستأتي الفوضي.

 و مع تأمل الحركات الثورية في 2011 ما بين مصر وتونس ونيويورك قد تبدو تلك الحركات كصدي لفلسفة غاندي ولكن أيضا لم تكن معاناة والتضحيات وحدها مؤثرة في قلوب الحكام ولكن القوة المنسقة والشجاعة للغالبية هي ما أجبرت جماعة الواحد في المائة الحاكمة علي الرحيل واللغة الوحيدة التي تفهمها جماعات الواحد في المائة كما يري غاندي هي "تمرد مفتوح" ويري الكاتب أن تدخل قوات أجنبية مسلحة في ليبيا قد زاد من عدد الوفيات وحول الثورة الي حركة عنيفة .

مات غاندي ميتة بطولية علي يد واحد من الهندوس المتعصبين وترك رسالة المقاومة اللا عنيفة للشر قد تحقق النتائج وقد لا تحقق أمام عدو شرس ولكن الثورات الدامية تؤدي الي صعود من هو أكثر دموية للحكم ليصبح التحدي أمام الأجيال الشابة التي تطمح لاعادة تشكيل العالم هو كيف يمكن التقدم دون الحاجة الي استخدام العنف.